للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن كان ذلك تعليلا من النبي جاز أيضا تخصيصه بدليل، فيحمل على النجس اللغوي بدليل.

على أن التعليل إنما ورد في الهر، فكأنه قال: "دخلت لأن الهر طاهرة"، والعلة لا يكون لها دليل فيما عداها، ولا إذا حصلت علة في أصل يقع منها تنبيه على علة أخرى تضادها في أصل آخر، وإنما يكون هذا فيما طريقه النطق في الأسماء والأوصاف، فكأنه جعل العلة في دخوله البيت الذي فيه الهر لكونها طاهرة، وجعل العلة في امتناعه من البيت الذي فيه الكلب لشيء آخر، وهو تغليظ عليهم حتى لا يقتنوه إلا [لما] (١) أباحهم إياه منها، فيدخل عليهم في صيدهم، وضرعهم وزرعهم، وكان صيدهم في الكلاب، فلو كان نجسا لم يدخل عليهم في هذه المواضع، فلما كان يدخل عليهم فيها علم أن الكلب ليس بنجس، إذ لو كان نجسا لامتنع من الدخول عليهم في كل موضع حتى تجري العلة في معلولاتها؛ لأنه لا يجوز أن يعلل فيقول: لا أدخل عليهم؛ لأن الكلب نجس، ثم يدخل عليهم وهو نجس، فلما أباحهم اقتناءها للصيد، والزرع، والضرع، ودخل عليهم علم أنه ليس بنجس؛ لأنه لو كان نجسا لكانت هذه مناقضة، والنبي لا يناقض.

فإن قيل: فإن العلة المنصوص عليها يجوز أن تخص (٢).


(١) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع.
(٢) وإلى ذلك ذهب أكثر أصحاب مالك وأبي حنيفة وأحمد، وصححه القرافي، وإليه الإشارة في قول صاحب المراقي: منها وجود الوصف دون الحكم سماه بالنقض وعاة العلم
والأكثرون عندهم لا يقدح … بل هو تخصيص وذا مصحح
وانظر نثر الورود (٣٥٣ - ٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>