للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى الورد بمخرج له عن الاسم، وهذا كما نقول: ماء دجلة، وماء الفرات، وماء النهر، وماء الجب، وماء البئر، وما أشبه ذلك، ومنزلة هذا منزلة من حلف - عندكم - أن لا يأكل خبزا، فأكل خبزا وجبنا، أو خبزا وملحا فإنه يحنث، ولا تكون إضافة الخبز إلى غيره بمخرج له عن اسم الخبز، فكذلك هذا.

وأيضا فإننا رأينا الله - تعالى - يجري الماء في أوعية، فتارة يجريه في عين، وتارة في بئر، وتارة ينزله من السماء، وتارة يجريه في الشجر وعروقها، فلا ينبغي أن يخرج عن إطلاقه، وقد قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ﴾ (١)، وقال تعالى: ﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ (٢)، فكذلك يسلكه في الشجر وغيرها، فلا ذلك يخرج عن إطلاقه.

قبل أما قوله تعالى: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾، وقوله: : "أحثي على رأسي ثلاث حثيات من ماء" (٣) فهو حجة لنا؛ لأن إطلاق اسم ماء لا يقع على ماء الورد، ولا يعقل منه ذلك لغة ولا شرعا، وأما إضافة الماء إلى قراره فلا معتبر به؛ لأن الإنسان إذا أخذه في يده للوضوء تناوله اسم ماء مطلق، وإذا نقل من قراره إلى قرار آخر انتقلت الإضافة من القرار الأول إلى القرار الثاني، فالماء الذي كان في دجلة هو الماء الذي في الجب، ويقال: ماء الجب، بعد أن كان يقال فيه: ماء دجلة، وهو مع هذا في الجب يقال: ماء دجلة، فإضافته إلى قراره لا تؤثر فيه، وليس كذلك ماء الورد؛ لأنه مضاف لصفة لازمة له، مؤثرة فيه، لمخالطته ما هو من غير جنس قراره وإنما هو


(١) سورة المؤمنون، الآية (١٨).
(٢) سورة الزمر، الآية (٢٠).
(٣) تقدم تخريجه (٢/ ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>