للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: قوة الأجزاء هي المغيرة، وإنما يزيد في التغيير في الطعم، واللون، والريح، وأول جزء يحصل به التغيير هو المؤثر، ولا اعتبار بما زاد عليه، ألا ترى أن النجاسة إذا غيرت طعم الماء ولونه وريحه كان الحكم لها ولم يؤثر فيه تزايد النجاسة وقوتها في التأثير، فكذلك في الزعفران.

فإن قيل: إن كل تغيير حاصل في الماء يمنع جواز الوضوء به فإنه لا يختلف حكم المجاورة والمخالطة (١)، يدلك عليه اعتبار النجاسات، وفي اتفاقهم على أن العود متى غير رائحة الماء لم يمنع من استعماله دلالة على أن مخالطته لا تمنع أيضا.

وأيضا فلو تغير الماء بمكثه في بقعة لم يمنع ذلك جواز الوضوء به (٢)، فكذلك إذا حصل حادث، دليله الماء العذب إذا تغير بالملح.

وأيضا قد يكون متغيرا في أصل خلقته، فوجب أن يكون الحادث بمنزلته، أصله الملوحة.

قيل: قولكم: "إن كل تغيير يمنع جواز الوضوء لا يختلف حكم المجاورة


(١) قال إمام الحرمين: "إن اعترض متكلف من أهل الكلام على الفقهاء في فرقهم بين المجاورة والمخالطة، فزعم أن الزعفران ملاقاته أيضا مجاورة، فإن تداخل الأجرام محال قلنا له: مدارك الأحكام التكليفية لا تؤخذ من هذه المآخذ، بل تؤخذ مما يتناوله أفهام الناس، لا سيما فيما بني الأمر فيه على معنى، ولا شك أن أرباب اللسان لغة وشرعا قسموا التغير إلى مجاورة ومخالطة، وإن كان ما يسمى مخالطة عند الإطلاق مجاورة في الحقيقة، فالنظر إلى تصرف اللسان" نقله عنه النووي في المجموع (٢/ ٦٠).
(٢) وهو ما يسمى بالماء الآجن، وقد "أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن الوضوء بالماء الآجن الذي قد طال مكثه في الموضع من غير نجاسة حلت فيه جائز، إلا شيئا روي عن ابن سيرين". الأوسط (١/ ٣٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>