للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ماء فشرب نبيذا لم يبر، وكذلك لو أمر غلامه أن يشتري له ماء فاشترى له نبيذا كان مخالفا يجوز تعنيفه، ثم لو انطلق عليه اسم ماء لجاز استعماله مع وجود الماء.

فإن قيل: إن النبيذ وإن لم يقع عليه اسم الماء في اللغة فإنه يقع عليه في الشرع؛ لأن النبي قال للنبيذ الذي كان مع ابن مسعود: "تمرة طيبة، وماء طهور" (١).

قيل: عن هذا ثلاثة أجوبة:

أحدها: أن النبيذ لا ينطلق عليه اسم الماء لا في اللغة ولا في الشرع.

فأما قوله : "تمرة طيبة وماء طهور" إنما سمي الماء باسمه ولم يسم النبيذ ماء؛ لأنه لم يكن معه نبيذ، وإنما كان معه ماء نبذ فيه تمرا ولم يخلط؛ لأن مياه العرب كانت فيها ملوحة، فكانوا يستعذبونها بالتمر (٢)، ألا ترى أنه لا أفرد ذكر الماء فقال: "تمرة طيبة"، فأفرد ذكرها، وقال: "ماء طهور"، فأفرد اسمه، وذكر أنه طهور، فلو كان مختلطا قد انماع في الماء لكان يقول: نبيذ طيب طهور، وليس يجوز أن يقال: إن النبيذ يقع عليه اسم التمر في الشرع، فكذلك لا يقع عليه اسم الماء.

والجواب الثاني: هو أننا لو سلمنا أن اسم الماء يقع على النبيذ في


(١) تقدم تخريجه (٣/ ٧)، ونقل النووي اتفاق المحدثين على تضعيفه في شرح مسلم (٤/ ١٤١)، وضعفه ابن المنذر وابن حزم وغيرهما. وقال ابن حجر: "وهذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه". الفتح (١/ ٦٤٢).
(٢) قال الكاساني: "ثم لا بد من معرفة تفسير نبيذ التمر الذي فيه الخلاف، وهو أن يلقى شيء من التمر في الماء، فتخرج حلاوته إلى الماء". البدائع (١/ ١٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>