للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشرع لم يكن مرادا بالظاهر، ولا تناوله اللفظ من وجهين (١):

أحدهما: أن النبيذ يقع عليه اسم ماء في الشرع، والماء المطلق يسمى ماء باللغة، واللفظة الواحدة لا يجوز أن يراد بها ما يسمى في الشرع وما يسمى في اللغة حالة في واحدة، بلفظة واحدة، فكان المراد باللفظ أحدهما، وقد أجمعوا على أن الماء المطلق مراد بالآية، فوجب أن يكون النبيذ غير مراد بها.

والجواب الثالث: هو أنه لو تناول الظاهر النبيذ كما تناول الماء المطلق لوجب أن يستوي مع الماء المطلق في جواز استعماله، فيكون مخيرا بين استعمال وبين الماء المطلق، كما يكون مخيرا بين ماءين مطلقين؛ لأن اللفظ إذا تناول شيئيين تناولا واحدا لم يفترقا في الحكم؛ لأن الجنس واحد كألفاظ العموم، مثل قوله تعالى: ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ﴾ (٢)، ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ﴾ (٣).

فلما قالوا: إن النبيذ لا يجوز التوضؤ به مع وجود الماء المطلق علم أنه لم يتناوله اللفظ أصلا، وهذا السؤال أجود أسئلتهم على الآية.

وأيضا فإن رسول الله روي عنه أنه قال لابن مسعود: "هل معك ماء؟. فقال: لا، ولكن معي نبيذ" (٤).

فلو كان اسم الماء ينطلق على النبيذ لم يجز لابن مسعود أن يقول:


(١) لم يذكر إلا وجها واحدا.
(٢) سورة التوبة، الآية (٥).
(٣) سورة المائدة، الآية (٣٨).
(٤) تقدم تخريجه (٣/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>