ليس معي ماء"، وهو من وجوه أهل اللغة، عارف بأسماء الشرع أيضا، وكان النبي ﷺ أيضا ينكر عليه، ويقول: هذا ماء في اللغة وفي الشرع.
فإن قيل: ليس يخلو الذي كان مع ابن مسعود من أحد أمرين: إما أن يكون نبيذا كما نقول، أو يكون ماء قد طرح فيه تمرا لم ينمع فيه.
فإن كان نبيذا فقد أنكر عليه بقوله: لا، وقال: "تمرة طيبة وماء طهور"، أو يكون ماء ولم ينمع فيه التمر، فقول ابن مسعود: ليس معي ماء محال.
قيل: لم يكن معه نبيذ على ما تقولون، وإنما قال: ليس معي ماء مفرد، ولا ماء أعد للتوضؤ، وإنما معي ماء استعددته للشرب، ولهذا أفرد النبي ﷺ ذكر الماء عن ذكر التمر، فقال: "تمرة طيبة وماء طهور"، ولو جاز لإنسان أن يسمي النبيذ ماءا مطلقا؛ لأن النبي ﷺ قال: "ماء طهور" جاز لآخر أن يسمي النبيذ تمرا؛ لأنه ﷺ قال: "تمرة طيبة"، ولو جاز أن يسمى النبيذ ماء؛ يسمي لأن فيه ماء جاز أن يسمى الخل ماء؛ يسمى الخل ماء؛ لأن فيه ماء.
وهذا أبو عبيد القاسم بن سلام - وهو إمام في اللغة يقول وقد ذكر النبيذ: إنه لا يكون طهورا أبدا؛ لأن الله - تعالى - اشترط الطهور بشرطين لم يجعل لهما ثالثا، وهما: الماء والصعيد، وأن النبيذ ليس واحدا منهما (١).
ثم نقول: لو أن الأمر على ما ذكرتم، وأنه يسمى ماء لما فيه من الماء فإن العرف جرى بأن لا يطلق عليه الاسم، فسبيلنا أن نرجع إلى عرف اللغة والشريعة؛ لأن الألفاظ إذا أطلقت ووقع التنازع فيها كان الأولى فيها أن