للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصحابة لا ينكره أحد: "لا أوتى بشارب خمر أو مسكر إلا حددته" (١).

ولم ينقل عن أحد من الصحابة جوازه.

وقال جماعة من علماء الحديث: إن الحديث المروي عنه في ذلك لم يثبت (٢).

على أنه لو ثبت لم يخل إما أن يستدلوا به إجماعا أو توقيفا.

فإن استدلوا به إجماعا لم يصح لأننا قد نقلنا عن عمر وابنه عبد الله أنهما قالا: "النبيذ نجس لا يجوز شربه"، وإذا كان عندهما نجسا لم يجز عندهما التوضؤ به.

وإن استدلوا به من حيث التوقيف أنهم ما قالوا ذلك إلا توقيفا قلنا: يجوز أن يكونوا قالوه من الظاهر؛ لأنه تعالى قال: ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا﴾، فقالوا: في النبيذ ماء فجاز التوضؤ به.

أو يكونوا قالوا بجوازه لحديث عبد الله بن مسعود (٣)، وقد بينا فساد الدلالة منه بما بيناه من تركهم ماء البحر بالنبيذ (٤)، وأبو حنيفة لا يتركه به.


(١) أخرجه البيهقي (٨/ ٥٤٣).
(٢) انظر ما تقدم (٣/ ٣٥).
(٣) وهذا هو الظاهر، وعليه المعول عندهم.
(٤) كذا قال: والصواب أن يقول: بما بيناه من تركهم ماء البحر بالتيمم، كما تقدم ذلك، ولم يتقدم لما قال ذكر، فتنبه.
وذكر ابن حزم هذه الحجة على لسان القائلين بالوضوء بالنبيذ، وقال: "وأما الذي رووه عن الصحابة فهو عليهم لا لهم لأن الأوزاعي والحسن بن حي وأبا حنيفة وأصحابه كلهم مخالفون لما روي عن الصحابة في ذلك، مجيزون للوضوء بماء البحر، ولا يجيزون الوضوء بالنبيذ ما دام يوجد ماء البحر" المحلى. (١/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>