للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: كل شيء رددتموه من أخبار الآحاد فإنما رددتموه لأنه يزاحم الأصول، فأما نفس الأصول فلا يبطلها إلا نفس النطق، مثل أن تكون الأصول مبنية على أن القاتل يقتل فيرد خبر واحد فيه: لا يقتل قاتل.

فإن قيل: قد قلتم أنتم بخبر القرعة، وهو ينافي موجبات الأصول؛ لأن العتق إذا توجه إلى جماعة فقد حصل في كل عبد جزء من الحرية، فإن قلتم في ذلك بالقرعة فهو منافاة للأصول بخبر واحد (١).

قيل: إنما ألزمناكم هذا لأنكم أنتم استدللتم به، وأنتم تنكرونه، فلا يلزمنا نحن.

فأما قصة العتق فلا نقول: إن العتق وقع على كل واحد منهم، وإنما هو مراعى إلى أن تقع القرعة، كما نقول في الذي لا يملك إلا عبدا واحدا فأعتقه في مرضه إنه موقوف.

وأيضا فإنهم يقولون: إن الخبرين إذا وردا، وكان أحدهما متفقا على استعماله، والآخر مختلفا في استعماله فالمتفق على استعماله أولى، قالوا ذلك: "فيما سقت السماء العشر" (٢)، و"ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" (٣)، وما أشبه ذلك.


(١) في عيون المجالس (٤/ ١٨٥١ - ١٨٥٢): "ومن أعتق عبيدا له في مرضه، ولا مال له غيرهم، ثم مات من ذلك المرض أقرع بينهم لحق الثلث، فمن خرج عليه سهم العتق عتق لحق الثلث، ورق الباقون للورثة، هذا مذهبنا ومذهب الشافعي وأحمد وإسحاق. وقال أبو حنيفة: لا يجوز القرعة في هذا، ويعتق من كل عبد ثلثه، ويسعى في الباقي من قيمته للورثة حتى يؤديها، فيعتق باقيه".
(٢) أخرجه البخاري (١٤٨٣).
(٣) رواه البخاري (١٤٠٥) ومسلم (١/ ٩٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>