وَكَاتِبَهُ، وَلَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» . قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.
وَثَبَتَ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ: كَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَغَيْرِهِمْ، حَتَّى قَالَ عُمَرُ: لَا أُوتِيَ بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتهمَا، وَقَالَ عُثْمَانُ: لَا نِكَاحَ إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ لَا نِكَاحَ دُلْسَةٍ، وَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ مَنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مِائَةَ طَلْقَةٍ، فَقَالَ: بَانَتْ مِنْهُ بِثَلَاثٍ وَسَائِرِهَا اتَّخَذَ بِهَا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا، فَقَالَ لَهُ السَّائِلُ: أَرَأَيْت إنْ تَزَوَّجْتهَا وَهُوَ لَا يَعْلَمُ لِأُحِلَّهَا، ثُمَّ أُطَلِّقَهَا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ. وَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً، وَإِذَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُحِلَّهَا لَهُ.
وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ بَيَانِ الدَّلِيلِ عَلَى بُطْلَانِ التَّحْلِيلِ "، وَهَذَا لَعَمْرِي إذَا كَانَ الْمُحَلِّلُ كَبِيرًا يَطَؤُهَا وَيَذُوقُ عُسَيْلَتَهَا وَتَذُوقُ عُسَيْلَتَهُ، فَأَمَّا الْعَبْدُ الَّذِي لَا وَطْءَ فِيهِ، أَوْ فِيهِ وَلَا يُعَدُّ وَطْؤُهُ وَطْئًا، كَمَنْ لَا يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ، فَهَذَا لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ فِي أَنَّ هَذَا لَا يُحِلُّهَا، وَنِكَاحُ الْمُحَلِّلِ مِمَّا يُعَيِّرُ بِهِ النَّصَارَى الْمُسْلِمِينَ، حَتَّى يَقُولُوا: إنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ: إذَا طَلَّقَ أَحَدُكُمْ امْرَأَتَهُ لَمْ تَحِلَّ لَهُ حَتَّى تَزْنِيَ، وَنَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَرِيءٌ مِنْ ذَلِكَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ وَجُمْهُورُ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ إمَام عَدْل طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ]
٤٢٤ - ٢٦ - مَسْأَلَةٌ:
فِي إمَامٍ عَدْلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ فِي بَيْتِهِ حَتَّى اُسْتُحِلَّتْ تَحْلِيلَ أَهْلِ مِصْرٍ، وَتَزَوَّجَهَا؟
الْجَوَابُ: إذَا زَوَّجَهَا الرَّجُلُ بِنِيَّةِ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا طَلَّقَهَا لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ، أَوْ تَوَاطَأَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْعَقْدِ، أَوْ شَرَطَاهُ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ لَفْظًا أَوْ عُرْفًا، فَهَذَا وَأَنْوَاعُهُ نِكَاحُ التَّحْلِيلِ الَّذِي اتَّفَقَتْ الْأُمَّةُ عَلَى بُطْلَانِهِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute