للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَأُطَلِّقُهَا السَّاعَةَ وَلَمْ يُطَلِّقْهَا أَوْ لَا تَجِبُ إلَّا إذَا عَزَمَ عَلَى إمْسَاكِهَا. أَوْ لَا تَجِبُ حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَاءِ بِهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ. كَاَلَّذِي يُخَيَّرُ بَيْنَ فِرَاقِهَا وَإِمْسَاكِهَا وَنَحْوِهِ كَالْمُتْعَةِ تَجِبُ ابْتِدَاءً أَوْ لَا تَجِبُ بِحَالٍ حَتَّى يَفُوتَ الطَّلَاقُ، قِيلَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ فَثُلُثُ مَالِي صَدَقَةٌ أَوْ هَدْيٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَإِلَّا قِيسَ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُمَا عَلَى التَّرَاخِي مَا لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَاءِ بِأَحَدِهِمَا كَسَائِرِ أَنْوَاعِ الْخِيَارِ.

[فَصَلِّ مُوجِبُ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ]

فَصْلٌ

مُوجِبُ نَذَرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ عِنْدَنَا أَحَدُ شَيْئَيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ، إمَّا التَّكْفِيرُ وَإِمَّا فِعْلُ الْمُعَلَّقِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ مُوجِبَ اللَّفْظِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ أَوْ صَدَقَةُ أَلْفٍ أَوْ فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ صَوْمُ شَهْرٍ هُوَ الْوُجُوبُ عِنْدَ الْفِعْلِ، فَهُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَذَا الْوُجُوبِ وَبَيْنَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، فَإِذَا لَمْ يَلْتَزِمْ الْوُجُوبَ الْمُعَلَّقَ ثَبَتَ وُجُوبُ الْكَفَّارَةِ، فَاللَّازِمُ لَهُ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا ثَابِتٌ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْآخَرِ، كَمَا فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ عِتْقُ هَذَا الْعَبْدِ أَوْ تَطْلِيقُ هَذِهِ الْمَرْأَةِ أَوْ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ أَوْ أُهْدِيَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ اسْتِحْقَاقَ الْعَبْدِ لِلْإِعْتَاقِ وَالْمَالَ لِلتَّصَدُّقِ وَالْبَدَنَةَ لِلْهَدْيِ، وَلَوْ أَنَّهُ نَجَزَ ذَلِكَ فَقَالَ هَذَا الْمَالُ صَدَقَةٌ وَهَذِهِ الْبَدَنَةُ هَدْيٌ وَعَلَيَّ عِتْقُ هَذَا الْعَبْدِ، فَهَلْ يَخْرُجُ عَنْ مِلْكِهِ بِذَلِكَ أَوْ يَسْتَحِقُّ الْإِخْرَاجَ، فِيهِ خِلَافٌ، وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَهُ هَذَا وَقْفٌ، فَأَمَّا إذَا قَالَ هَذَا الْعَبْدُ حُرٌّ وَهَذِهِ الْمَرْأَةُ طَالِقٌ فَهُوَ إسْقَاطٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ ذِمَّةُ فُلَانٍ بَرِيئَةٌ مِنْ كَذَا أَوْ مِنْ دَمِ فُلَانٍ، أَوْ مِنْ قَذْفِي. فَإِنَّ إسْقَاطَ حَقِّ الدَّمِ وَالْمَالِ وَالْغَرَضِ مِنْ بَابِ إسْقَاطِ حَقِّ الْمِلْكِ بِمِلْكِ الْبُضْعِ وَمِلْكِ الْيَمِينِ. فَإِنْ قَالَ إنْ فَعَلْت فَعَلَيَّ الطَّلَاقُ أَوْ فَعَلَيَّ الْعِتْقُ أَوْ فَامْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ، وَقُلْنَا إنَّ مُوجِبَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُخَيَّرًا بَيْنَ وُقُوعِ ذَلِكَ وَبَيْنَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، كَمَا لَوْ قَالَ: فَهَذَا الْمَالُ صَدَقَةٌ أَوْ هَذِهِ الْبَدَنَةُ هَدْيٌ.

وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ: إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ أَوْ نِسَائِي طَوَالِقُ، وَقُلْنَا التَّخْيِيرُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَحَدَهُمَا كَانَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ اخْتِيَارِهِ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْوُقُوعِ أَوْ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ، وَمِثَالُ ذَلِكَ أَيْضًا إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعٍ أَوْ أُخْتَانِ فَاخْتَارَ إحْدَاهُمَا فَهَذِهِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي تَكُونُ الْفُرْقَةُ أَحَدَ اللَّازِمَيْنِ، إمَّا فُرْقَةُ مُعَيَّنٍ أَوْ نَوْعُ الْفُرْقَةِ لَا يَحْتَاجُ إنْشَاءَ طَلَاقٍ لَكِنْ لَا يَتَعَيَّنُ الطَّلَاقُ إلَّا بِمَا يُوجِبُ تَعْيِينَهُ كَمَا فِي النَّظَائِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>