مُطْلَقًا أَوْ مَنَعَ مُطْلَقًا وَعَلَّلَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ مَنْعَ شَهَادَةِ الْبَدْوِيِّ عَلَى الْقَرَوِيِّ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ الْقَرَوِيَّ إنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى أَهْلِ الْقَرْيَةِ دُونَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فَإِذَا كَانَ الْبَدْوِيُّ قَاطِنًا مَعَ الْمُدَّعِيَيْنِ فِي الْقَرْيَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ لِزَوَالِ هَذَا الْمَعْنَى فَيَكُونُ قَوْلًا آخَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ مُفَصَّلًا.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فِي قَوْمٍ أَجَّرُوا شَيْئًا لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَحَدٍ مِنْهُمْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ لِأَنَّهُمْ وُكَلَاءُ أَوْ أَوْلِيَاءُ وَتُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ فِي الشَّهَادَةِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالشَّهَادَةُ فِي مَصْرِفِ الْوَقْفِ مَقْبُولَةٌ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُهَا الِاسْتِفَاضَةَ فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ
[فَصْلٌ شَهَادَة الْأَخْرَس]
فَصْلٌ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ مَنْ كَانَ أَخْرَسَ فَهُوَ أَصَمُّ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ قِيلَ لَهُ فَإِنْ كَتَبَهَا قَالَ لَمْ يَبْلُغُنِي فِي هَذَا شَيْءٌ وَاخْتَارَ الْجَدُّ قَبُولَ الْكِتَابَةِ وَمَنَعَهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَوْلُ أَحْمَدَ فَهُوَ أَصَمُّ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِعَدَمِ سَمْعِهِ فَهَذَا مُنْتَفٍ فِيمَا رَآهُ قَالَ الْأَصْحَابُ تَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى فِي الْمَسْمُوعَاتِ وَفِي مَا رَآهُ قَبْلَ عَمَاهُ إذَا عَرَفَ الْفَاعِلَ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ إلَّا بِعَيْنِهِ فَوَجْهَانِ. وَكَذَلِكَ الْوَجْهَانِ إذَا تَعَذَّرَ حُضُورُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ بِهِ لِمَوْتٍ أَوْ غَيْبَةٍ أَوْ حَبْسٍ يَشْهَدُ الْبَصِيرُ عَلَى حِلِّيَّتِهِ إذْ فِي الْمَوْضِعَيْنِ تَعَذَّرَتْ الرُّؤْيَةُ مِنْ الشَّاهِدِ فَأَمَّا الشَّاهِدُ نَفْسُهُ هَلْ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ مَنْ رَآهُ وَكَتَبَ صِفَتَهُ أَوْ ضَبَطَهَا ثُمَّ رَأَى شَخْصًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ هَذَا أَبْعَدُ وَهُوَ شَبِيهٌ بِخَطِّهِ إذَا رَآهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّهَادَةَ. قَالَ الْقَاضِي فَإِنْ قَالَ الْأَعْمَى أَشْهَدُ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى هَذَا شَيْئًا وَلَمْ يَذْكُرْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ أَوْ شَهِدَ الْبَصِيرُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ وَرَاءِ حَائِلٍ وَلَمْ يَدْرِ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ لَمْ يَصِحَّ وَذِكْرُهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ صَوْتَهُ صَحَّتْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ أَدَاءً كَمَا تَصِحُّ تَحَمُّلًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ رُؤْيَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ حِينَ التَّحَمُّلِ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا إذَا سَمَّاهُ وَنَسَبَهُ وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ، فَكَذَلِكَ إذَا أَشَارَ إلَيْهِ لَا تُشْتَرَطُ رُؤْيَتُهُ وَعَلَى هَذَا فَتَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى عَلَى مَنْ سَمِعَ صَوْتَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ وَيُؤَدِّيهَا عَلَيْهِ إذَا سَمِعَ صَوْتَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ لَفْظَةُ أَشْهَدُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَحْمَدَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ أَقُولُ عَلَى أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ، وَلَا أَشْهَدُ فَقَالَ أَحْمَدُ: مَتَى قُلْت، فَقَدْ شَهِدْت وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ لِأَحْمَدَ تُفَرِّقُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالشَّهَادَةِ فِي أَنَّ الْعَشَرَةَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ لَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute