أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، قِيلَ: يَجُوزُ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ بَلْ يُوَكِّلُ مُسْلِمًا، وَقِيلَ: لَا يُزَوِّجُهَا إلَّا الْحَاكِمُ بِإِذْنِهِ.
وَكَوْنُهُ وَلِيًّا فِي تَزْوِيجِ الْمُسْلِمِ، مِثْلُ كَوْنِهِ وَكِيلًا فِي تَزْوِيجِ الْمُسْلِمَةِ، وَمَنْ قَالَ إنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ جَائِزٌ، قَالَ إنَّ الْمِلْكَ فِي النِّكَاحِ يَحْصُلُ لِلزَّوْجِ لَا لِلْوَكِيلِ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، بِخِلَافِ الْمِلْكِ فِي غَيْرِهِ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ تَنَازَعُوا فِي ذَلِكَ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ حُقُوقَ الْعَقْدِ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوَكِّلِ، وَالْمِلْكُ يَحْصُلُ لَهُ، فَلَوْ وَكَّلَ مُسْلِمٌ ذِمِّيًّا فِي شِرَاءِ خَمْرٍ لَمْ يَجُزْ، وَأَبُو حَنِيفَةَ يُخَالِفُ فِي ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ الْمِلْكُ يَحْصُلُ لِلزَّوْجِ وَهُوَ الْمُوَكِّلُ لِلْمُسْلِمِ فَتَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ بِمَنْزِلَةِ تَوْكِيلِهِ فِي تَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ بَعْضَ مَحَارِمِهَا، كَخَالِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ فِي قَبُولِ نِكَاحِهَا لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزَوُّجُهَا.
كَذَلِكَ الذِّمِّيُّ إذَا تُوُكِّلَ فِي نِكَاحِ مُسْلِمٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ تَزْوِيجُ الْمُسْلِمَةِ، لَكِنَّ الْأَحْوَطَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ النِّزَاعِ، وَلِأَنَّ النِّكَاحَ فِيهِ شَوْبُ الْعِبَادَاتِ وَيُسْتَحَبُّ عَقْدُهُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الْآثَارِ: «مَنْ شَهِدَ إمْلَاكَ مُسْلِمٍ فَكَأَنَّمَا شَهِدَ فَتْحًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» .
وَلِهَذَا وَجَبَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، أَنْ يَعْقِدَ بِالْعَرَبِيَّةِ، كَالْأَذْكَارِ الْمَشْرُوعَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَتَّبِعْ أَنْ يَكُونَ الْكَافِرُ مُتَوَلِّيًا لِنِكَاحِ مُسْلِمٍ، وَلَكِنْ لَا يَظْهَرُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الْعَقْدَ بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَى بُطْلَانِهِ دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ وَالْكَافِرُ يَصِحُّ مِنْهُ النِّكَاحُ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِبَادَاتِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا فَهَرَبَ وَتَرَكَهَا مِنْ مُدَّةِ سِتِّ سِنِينَ]
٤٤٩ - ٥١ - مَسْأَلَةٌ:
فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ، فَهَرَبَ وَتَرَكَهَا مِنْ مُدَّةِ سِتِّ سِنِينَ، وَلَمْ يَتْرُكْ عِنْدَهَا نَفَقَةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا وَدَخَلَ بِهَا، فَلَمَّا اطَّلَعَ الْحَاكِمُ عَلَيْهَا فَسَخَ الْعَقْدَ بَيْنَهُمَا، فَهَلْ يَلْزَمُ الزَّوْجَ الصَّدَاقُ أَمْ لَا؟ .
الْجَوَابُ: إنْ كَانَ نِكَاحُ الْأَوَّلِ فُسِخَ لِتَعَذُّرِ النَّفَقَةِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ الثَّانِيَ فَنِكَاحُهُ صَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَتْ الثَّانِيَ قَبْلَ فَسْخِ نِكَاحِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute