فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ، مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا - فَقَالَ: وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ، مَا أُحْسِنُ غَيْرَ هَذَا. فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي فِي صَلَاتِي، فَقَالَ: إذَا قُمْت إلَى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ، ثُمَّ اقْرَأْ مَا تَيَسَّرَ مَعَك مِنْ الْقُرْآنِ، ثُمَّ ارْكَعْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا، ثُمَّ ارْفَعْ حَتَّى تَعْتَدِلَ قَائِمًا، ثُمَّ اُسْجُدْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا، ثُمَّ اجْلِسْ حَتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا، ثُمَّ افْعَلْ ذَلِكَ فِي صَلَاتِك كُلِّهَا» فَهَذَا كَانَ رَجُلًا جَاهِلًا، وَمَعَ هَذَا فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعِيدَ الصَّلَاةَ، وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ، فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الطُّمَأْنِينَةَ فَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ، فَقَدْ أَمَرَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِالْإِعَادَةِ. وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ.
وَفِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ رَجُلٍ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ» . يَعْنِي يُقِيمُ صُلْبَهُ: إذَا رَفَعَ مِنْ الرُّكُوعِ، وَإِذَا رَفَعَ مِنْ السُّجُودِ. وَفِي الصَّحِيحِ: " أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - رَأَى رَجُلًا لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَقَالَ: مُنْذُ كَمْ تُصَلِّي هَذِهِ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: مُنْذُ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ: أَمَا إنَّك لَوْ مِتّ لَمُتّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ".
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْمَعْنَى ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَأَنَّهُ قَالَ لِمَنْ نَقَرَ فِي الصَّلَاةِ: أَمَا إنَّك لَوْ مِتّ عَلَى هَذَا مِتّ عَلَى غَيْرِ الْفِطْرَةِ الَّتِي فَطَرَ اللَّهُ عَلَيْهَا مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أَوْ نَحْوَ هَذَا. وَقَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يُصَلِّي وَلَا يُتِمُّ رُكُوعَهُ وَسُجُودَهُ، مَثَلُ الَّذِي يَأْكُلُ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، فَمَا تُغْنِي عَنْهُ» .
وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، تِلْكَ صَلَاةُ الْمُنَافِقِ، يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ قَامَ فَنَقَرَ أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلَّا قَلِيلًا» وَقَدْ كَتَبْنَا فِي ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، مَا يَطُولُ ذِكْرُهُ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الْوَسْوَاسُ فِي الصَّلَاةِ]
١٨٤ - ١٠٠ مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ يَحْصُلُ لَهُ الْحُضُورُ فِي الصَّلَاةِ تَارَةً، وَيَحْصُلُ لَهُ الْوَسْوَاسُ تَارَةً، فَمَا الَّذِي يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى دَوَامِ الْحُضُورِ فِي الصَّلَاةِ؟ وَهَلْ تَكُونُ تِلْكَ الْوَسَاوِسُ مُبْطِلَةً لِلصَّلَاةِ؟ أَوْ مُنْقِصَةً لَهَا أَمْ لَا؟ وَفِي قَوْلِ عُمَرَ: إنِّي لَأُجَهِّزُ جَيْشِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ. هَلْ كَانَ ذَلِكَ يَشْغَلُهُ عَنْ حَالِهِ فِي جَمْعِيَّتِهِ أَوْ لَا؟
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute