للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَضَرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالْمُرَادِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ الْكَرِيمِ التَّوَّابِ، وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

[مَسْأَلَةٌ هَلْ قَالَ النَّبِيُّ زِدْنِي فِيك تَحَيُّرًا]

١٠٢٩ - ٥ مَسْأَلَة: هَلْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " زِدْنِي فِيك تَحَيُّرًا "، وَقَالَ بَعْضُ الْعَارِفِينَ: أَوَّلُ الْمَعْرِفَةِ الْحِيرَةُ، وَآخِرُهَا الْحِيرَةُ.

قِيلَ: مِنْ أَيْنَ تَقَعُ الْحِيرَةُ؟ قِيلَ: مِنْ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا: كَثْرَةُ اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ عَلَيْهِ.

وَالْآخَرُ: شِدَّةُ الشَّرِّ وَحَذَرُ الْإِيَاسِ.

وَقَالَ الْوَاسِطِيُّ: نَازِلَةٌ تَنْزِلُ بِقُلُوبِ الْعَارِفِينَ بَيْنَ الْإِيَاسِ وَالطَّمَعِ، لَا تُطْمِعُهُمْ فِي الْوَصْلِ فَيَسْتَرِيحُونَ، وَلَا تُؤَيِّسُهُمْ عَنْ الطَّلَبِ فَيَسْتَرِيحُونَ.

وَقَالَ بَعْضٌ: مَتَى أَصِلُ إلَى طَرِيقِ الرَّاجِينَ وَأَنَا مُقِيمٌ فِي حِيرَةِ الْمُتَحَيِّرِينَ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ: الْعَارِفُ كُلَّمَا انْتَقَلَ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ اسْتَقْبَلَتْهُ الدَّهْشَةُ وَالْحِيرَةُ.

وَقَالَ: أَعْرَفُ النَّاسِ بِاَللَّهِ أَشَدُّهُمْ فِيهِ تَحَيُّرًا، وَقَالَ الْجُنَيْدُ: انْتَهَى عَقْلُ الْعُقَلَاءِ إلَى الْحِيرَةِ.

وَقَالَ ذُو النُّونِ: غَايَةُ الْعَارِفِينَ التَّحَيُّرُ، وَأَنْشَدَ بَعْضُهُمْ:

قَدْ تَحَيَّرْت فِيك خُذْ بِيَدِي ... يَا دَلِيلًا لِمَنْ تَحَيَّرَ فِيهِ

فَبَيِّنُوا لَنَا الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ بَيَانًا شَافِيًا؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، هَذَا الْكَلَامُ الْمَذْكُورُ: " زِدْنِي فِيك تَحَيُّرًا "، مِنْ الْأَحَادِيثِ الْمَكْذُوبَةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ.

وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ جَاهِلٌ أَوْ مُلْحِدٌ، فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ حَائِرًا، وَأَنَّهُ سَأَلَ الزِّيَادَةَ فِي الْحِيرَةِ، وَكِلَاهُمَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ اللَّهَ هَدَاهُ بِمَا أَوْحَاهُ إلَيْهِ وَعَلَّمَهُ مَا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ، وَأَمَرَهُ بِسُؤَالِ الزِّيَادَةِ مِنْ الْعِلْمِ بِقَوْلِهِ: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: ١١٤] .

وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا، وَأَنَّهُ أُمِرَ بِطَلَبِ الْمَزِيدِ مِنْ الْعِلْمِ، وَلِذَلِكَ أُمِرَ هُوَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِطَلَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>