قَالَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنِ نَصْرٍ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ: لَا بَأْسَ بِمَا يُضَبِّبُهُ وَأَكْرَهُ الْحَلْقَةَ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَأَبِي مَنْصُورٍ: لَا بَأْسَ فِي إنَاءٍ مُفَضَّضٍ إذَا لَمْ يَقَعْ فَمُهُ عَلَى الْفِضَّةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: قَدْ فَرَّقَ بَيْن الضَّبَّةِ، وَالْحَلْقَةِ، وَرَأْسِ الْحَلْقَةِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَكَلَامُ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِمَنْ تَدَبَّرَهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْحَاجَةِ.
وَعَدَمِهَا، وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَيْن مَا يُسْتَعْمَلُ وَبَيْنَ مَا لَا يُسْتَعْمَلُ. فَأَمَّا يَسِيرُ الذَّهَبِ فَلَا يُبَاحُ بِحَالٍ، نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ فِي النَّصِّ: إذَا خَافَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْقُطَ هَلْ يُجْعَلُ لَهُ مِسْمَارٌ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: إنَّمَا رَخَّصَ فِي الْأَسْنَانِ عَلَى الضَّرُورَةِ، فَأَمَّا الْمِسْمَارُ فَلَا، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي اللِّبَاسِ فَفِي الْآنِيَةِ أَوْلَى.
وَقَدْ غَلِطَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ حَيْثُ حَكَتْ قَوْلًا بِيَسِيرِ الذَّهَبِ تَبَعًا فِي الْآنِيَةِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو بَكْرٍ، إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي بَابِ اللِّبَاسِ، وَالتَّحَلِّي، وَبَابُ اللِّبَاسِ أَوْسَعُ.
وَلَا يَجُوزُ تَمْوِيهُ السُّقُوفِ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا يَجُوزُ لَطْخُ اللِّجَامِ وَالسَّرْجِ بِالْفِضَّةِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى إبَاحَتِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَحَيْثُ أُبِيحَتْ الضَّبَّةُ يُرَادُ مِنْ إبَاحَتِهَا أَنْ تَحْتَاجَ إلَى تِلْكَ الصُّورَةِ لَا إلَى كَوْنِهَا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ، فَإِنَّ هَذِهِ ضَرُورَةٌ، وَهِيَ تُبِيحُ الْمُتَعَذِّرَ.
وَيُبَاحُ الِاكْتِحَالُ بِمِيلِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، لِأَنَّهَا حَاجَةٌ، وَيُبَاحَانِ لَهَا. قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
[بَابُ آدَابِ التَّخَلِّي]
يَحْرُمُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ وَاسْتِدْبَارُهَا عِنْدَ التَّخَلِّي مُطْلَقًا سَوَاءٌ الْفَضَاءُ وَالْبُنْيَانُ. وَهُوَ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَلَا يَكْفِي انْحِرَافُهُ عَنْ الْجِهَةِ.
قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَدِّهِ.
وَيَحْمَدُ اللَّهَ فِي نَفْسِهِ إذَا عَطَسَ بِخَلَاءٍ، وَكَذَلِكَ فِي صَلَاتِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُد لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَيُحَرِّكُ بِهَا لِسَانَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ الْقَاضِي: وَنَقَلَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ يُحَرِّكُ بِهِ شَفَتَيْهِ فِي الْخَلَاءِ؟ قَالَ الْقَاضِي: بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُهُ، وَقَالَ: مَا لَا يَسْمَعُهُ لَا يَكُونُ كَلَامًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute