يَسْبِقْهُ إلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا وَافَقَهُ وَالصَّلَاةُ وَغَيْرُهَا مِنْ الْقُرَبِ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ، وَالْمُجَاوَرَةُ بِمَكَانٍ يَكْثُرُ فِيهِ إيمَانُهُ وَتَقْوَاهُ أَفْضَلُ حَيْثُ كَانَ وَتُضَاعَفُ السَّيِّئَةُ وَالْحَسَنَةُ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ فَاضِلٍ وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَابْنُ الْجَوْزِيِّ انْتَهَى.
[بَابُ الِاعْتِكَافِ]
ِ وَمَنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ تَعَيَّنَ مَا امْتَازَ عَلَى غَيْرِهِ بِمَزِيَّةٍ شَرْعِيَّةٍ كَقِدَمٍ وَكَثْرَةِ جَمْعٍ اخْتَارَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ وَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِنَا، وَلَا يَجُوزُ سَفَرُ الرَّجُلِ إلَى الْمَشَاهِدِ وَالْقُبُورِ وَالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَبَعْضِ أَصْحَابِهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ مِنْ أَصْحَابِنَا وَإِنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عِنْدَ الْحُكْمِ الَّذِي أُنْزِلَ لَهُ أَوْ مَا يُنَاسِبُهُ فَحَسَنٌ، كَقَوْلِهِ لِمَنْ دَعَاهُ إلَى ذَنْبٍ تَابَ مِنْهُ {مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} [النور: ١٦] وَقَوْلُهُ عِنْدَمَا أَهَمَّهُ أَمْرٌ {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦] .
وَالتَّحْقِيقُ فِي الصَّمْتِ أَنَّهُ إذَا طَالَ حَتَّى يَتَضَمَّنَ تَرْكَ الْكَلَامِ الْوَاجِبِ صَارَ حَرَامًا كَمَا قَالَ الصِّدِّيقُ، وَكَذَا إنْ بَعُدَ بِالصَّمْتِ عَنْ الْكَلَامِ الْمُسْتَحَبِّ.
وَالْكَلَامُ الْحَرَامُ يَجِبُ الصَّمْتُ عَنْهُ، وَفُضُولُ الْكَلَامِ يَنْبَغِي الصَّمْتُ عَنْهُ، وَلَمْ يَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ لِمَنْ قَصَدَ الْمَسْجِدَ لِلصَّلَاةِ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ يَنْوِيَ الِاعْتِكَافَ مُدَّةَ لُبْثِهِ.
وَالسِّيَاحَةُ فِي الْبِلَادِ لِغَيْرِ قَصْدٍ شَرْعِيٍّ كَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النُّسَّاكِ أَمْرٌ مُنْهَى عَنْهُ قَالَ الْإِمَام أَحْمَدُ: لَيْسَتْ السِّيَاحَةُ مِنْ الْإِسْلَامِ فِي شَيْءٍ وَلَا مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّينَ وَالصَّالِحِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute