الْأَئِمَّةُ وَلَا ذَكَرُوا لِهَذِهِ اللَّيْلَةِ فَضِيلَةً تَخُصُّهَا.
وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِذَلِكَ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ: إنَّهَا مَكْرُوهَةٌ غَيْرُ مُسْتَحَبَّةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ صَلَاة نِصْفِ شَعْبَانَ]
٢٢٢ - ١٣٨ - مَسْأَلَةٌ:
فِي صَلَاةِ نِصْفِ شَعْبَانَ؟
الْجَوَابُ: إذَا صَلَّى الْإِنْسَانُ لَيْلَةَ النِّصْفِ وَحْدَهُ، أَوْ فِي جَمَاعَةٍ خَاصَّةٍ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ طَوَائِفُ مِنْ السَّلَفِ، فَهُوَ أَحْسَنُ.
وَأَمَّا الِاجْتِمَاعُ فِي الْمَسَاجِدِ عَلَى صَلَاةٍ مُقَدَّرَةٍ.
كَالِاجْتِمَاعِ عَلَى مِائَةِ رَكْعَةٍ، بِقِرَاءَةِ أَلِفِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: ١] دَائِمًا.
فَهَذَا بِدْعَةٌ، لَمْ يَسْتَحِبَّهَا أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ سُجُودُ التِّلَاوَةِ قَائِمًا أَفْضَلُ مِنْهُ قَاعِدًا]
٢٢٣ - ١٣٩ - مَسْأَلَةٌ: فِي الرَّجُلِ إذَا كَانَ يَتْلُو الْكِتَابَ الْعَزِيزَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ، فَقَرَأَ سَجْدَةً، فَقَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَسَجَدَ فَهَلْ قِيَامُهُ أَفْضَلُ مِنْ سُجُودِهِ وَهُوَ قَاعِدٌ؟ أَمْ لَا؟ وَهَلْ فِعْلُهُ ذَلِكَ رِيَاءٌ وَنِفَاقٌ؟
الْجَوَابُ: بَلْ سُجُودُ التِّلَاوَةِ قَائِمًا أَفْضَلُ مِنْهُ قَاعِدًا، كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا، وَكَمَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ، بَلْ وَكَذَلِكَ سُجُودُ الشُّكْرِ، كَمَا رَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ سُجُودِهِ لِلشُّكْرِ قَائِمًا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الِاعْتِبَارِ، فَإِنَّ صَلَاةَ الْقَائِمِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْقَاعِدِ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ أَحْيَانًا يُصَلِّي قَاعِدًا فَإِذَا قَرُبَ مِنْ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَهُوَ قَائِمٌ، وَأَحْيَانًا يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَهَذَا قَدْ يَكُونُ لِلْعُذْرِ، أَوْ لِلْجَوَازِ، وَلَكِنْ تَحَرِّيهِ مَعَ قُعُودِهِ أَنْ يَقُومَ لِيَرْكَعَ وَيَسْجُدَ وَهُوَ قَائِمٌ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ.
إذْ هُوَ أَكْمَلُ وَأَعْظَمُ خُشُوعًا لِمَا فِيهِ مِنْ هُبُوطِ رَأْسِهِ وَأَعْضَائِهِ السَّاجِدَةِ لِلَّهِ مِنْ الْقِيَامِ.