للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا يَسْتَامُ عَلَى سَوْمِ أَخِيهِ، وَلَا يَبِيعُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ» .

فَالرَّجُلُ إذَا خَطَبَ امْرَأَةً وَرَكَنَ إلَيْهِ مَنْ إلَيْهِ نِكَاحُهَا، كَالْأَبِ الْمُجْبِرِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِهِ أَنْ يَخْطُبَهَا، فَكَيْفَ إذَا كَانُوا قَدْ رَكَنُوا إلَيْهِ وَأَشْهَدُوا بِالْإِمْلَاكِ الْمُتَقَدِّمِ لِلْعَقْدِ، وَقَبَضُوا مِنْهُ الْهَدَايَا، وَطَالَتْ الْمُدَّةُ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ فَعَلُوا مُحَرَّمًا يَسْتَحِقُّونَ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهِ بِلَا رَيْبٍ.

لَكِنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ هَلْ يَقَعُ صَحِيحًا أَوْ بَاطِلًا؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ.

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ، أَنَّ عَقْدَ الثَّانِي بَاطِلٌ فَيُنْزَعُ مِنْهُ وَيُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ، فَيُعَاقَبُ مَنْ فَعَلَ الْمُحَرَّمَ، وَيُرَدُّ إلَى الْأَوَّلِ جَمِيعُ مَا أُخِذَ مِنْهُ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَشْبَهُ بِمَا فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

[مَسْأَلَةٌ يَتِيمَة لَهَا عُمْرهَا عَشْرُ سِنِينَ وَهِيَ مُضْطَرَّةٌ إلَى مَنْ يَكْفُلُهَا]

٤٨٤ - ٨٦ - مَسْأَلَةٌ: فِي بِنْتٍ يَتِيمَةٍ، وَلَهَا مِنْ الْعُمْرِ عَشْرُ سِنِينَ، وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَحَدٌ وَهِيَ مُضْطَرَّةٌ إلَى مَنْ يَكْفُلُهَا، فَهَلْ يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِإِذْنِهَا أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: هَذِهِ يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا بِكُفْءٍ لَهَا عِنْدَ أَكْثَرِ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ فِي ظَاهِرِ مَذْهَبِهِ وَغَيْرِهِمَا.

وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ} [النساء: ١٢٧] الْآيَةَ.

وَقَدْ أَخْرَجَا تَفْسِيرَ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ عَائِشَةَ، وَهُوَ دَلِيلٌ فِي الْيَتِيمَةِ وَزَوْجُهَا مَنْ يَعْدِلُ عَلَيْهَا فِي الْمَهْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>