يُصَلِّيَ عَلَيْهِ سِرًّا كَالدُّعَاءِ، أَمَّا رَفْعُ الصَّوْتِ بِهَا قُدَّامَ بَعْضِ الْخُطَبَاءِ فَمَكْرُوهٌ، أَوْ مُحَرَّمٌ اتِّفَاقًا، لَكِنْ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يُصَلِّي عَلَيْهِ سِرًّا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَسْكُتُ، وَدُعَاءُ الْإِمَامِ بَعْدَ صُعُودِهِ لَا أَصْلَ لَهُ، وَيُكْرَهُ لِلْإِمَامِ رَفْعُ يَدَيْهِ حَالَ الدُّعَاءِ فِي الْخُطْبَةِ وَهُوَ أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا كَانَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إذَا دَعَا. وَأَمَّا فِي الِاسْتِسْقَاءِ فَرَفَعَ يَدَيْهِ لَمَّا اسْتَسْقَى عَلَى الْمِنْبَرِ.
وَيَقْرَأُ فِي أُولَى فَجْرِ الْجُمُعَةِ أَلَمْ السَّجْدَةَ، وَفِي الثَّانِيَةِ {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} [الإنسان: ١] وَيُكْرَهُ مُدَاوَمَتُهُ عَلَيْهِمَا، وَهُوَ مَنْصُوصُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ، وَيُكْرَهُ تَحَرِّي سَجْدَةٍ غَيْرِهَا، وَالسُّنَّةُ إكْمَالُ السَّجْدَةِ، وَ {هَلْ أَتَى} [الإنسان: ١] .
وَصَلَاةُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ حَسَنَةٌ مَشْرُوعَةٌ، وَلَا يُدَاوِمُ عَلَيْهَا إلَّا لِمَصْلَحَةٍ وَيَحْرُمُ تَخَطِّي رِقَابِ النَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَخَطَّى النَّاسَ لِيَدْخُلَ فِي الصَّفِّ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَدَيْهِ فُرْجَةٌ، لَا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلَا غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الظُّلْمِ وَالتَّعَدِّي لِحُدُودِ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِذَا فَرَشَ مُصَلَّى وَلَمْ يَجْلِسْ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَلِغَيْرِهِ رَفْعُهُ فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَإِذَا وَقَعَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَاجْتَزَى بِالْعِيدِ وَصَلَّى ظُهْرًا جَازَ إلَّا لِلْإِمَامِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ.
وَأَمَّا الْقُصَّاصُ الَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ ثُمَّ يَسْأَلُونَ فَهَؤُلَاءِ مَنْعُهُمْ مَنْ أَهَمِّ الْأُمُورِ، فَإِنَّهُمْ يَكْذِبُونَ وَيَتَخَطَّوْنَ النَّاسَ وَيَشْغَلُونَ عَمَّا يُشْرَعُ فِي الصَّلَاةِ وَالْقِرَاءَةِ وَالدُّعَاءِ لَا سِيَّمَا إنْ قَصُّوا أَوْ سَأَلُوا، وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْمُنْكَرَاتِ الشَّنِيعَةِ الَّتِي يَنْبَغِي إزَالَتُهَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَيَنْبَغِي لِوُلَاةِ الْأُمُورِ أَنْ يَمْنَعُوا مِنْ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ كُلِّهَا فَإِنَّهُمْ مُتَصَدُّونَ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ.
[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]
وَهِيَ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقَدْ يُقَالُ بِوُجُوبِهَا عَلَى النِّسَاءِ، وَمِنْ شَرْطِهَا الِاسْتِيطَانُ وَعَدَدُ الْجُمُعَةِ، وَيَفْعَلُهَا الْمُسَافِرُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ تَبَعًا، وَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهَا لِمَنْ فَاتَتْهُ مِنْهُمْ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَيَسْتَفْتِحُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute