تَزَوَّجَتْ بِكُفْءٍ لَمْ يَكُنْ لِوَلِيِّهَا الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهَا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ بَلْ يُزَوِّجُهَا بِهِ فَكَيْفَ مُطَلِّقُهَا؟ وَإِنْ اعْتَدَى عَلَيْهَا بِقَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ عُوقِبَ عَلَى ذَلِكَ عُقُوبَةً تَرْدَعُهُ وَأَمْثَالَهُ مِنْ الْمُعْتَدِينَ عَنْ مِثْلِ هَذَا.
[مَسْأَلَةٌ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا فَأَوْفَتْ الْعِدَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِثَانٍ]
٦١٦ - ٧٩ مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا ثُمَّ أَوْفَتْ الْعِدَّةَ ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِزَوْجٍ ثَانٍ، وَهُوَ الْمُسْتَحِلُّ، فَهَلْ الِاسْتِحْلَالُ يَجُوزُ بِحُكْمِ مَا جَرَى لِرِفَاعَةِ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي أَيَّامِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمْ لَا؟ ثُمَّ إنَّهَا أَتَتْ لِبَيْتِ الزَّوْجِ الْأَوَّلِ طَالِبَةً لِبَعْضِ حَقِّهَا فَغَلَبَهَا عَلَى نَفْسِهَا، ثُمَّ أَنَّهَا قَعَدَتْ أَيَّامًا وَخَافَتْ فَادَّعَتْ أَنَّهَا حَاضَتْ لِكَيْ يَرُدَّهَا الزَّوْجُ الْأَوَّلُ، فَرَاجَعَهَا إلَى عِصْمَتِهِ بِعَقْدٍ شَرْعِيٍّ، وَأَقَامَ مَعَهَا أَيَّامًا فَظَهَرَ عَلَيْهَا الْحَمْلُ وَعَلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ كَاذِبَةً فِي الْحَيْضِ، فَاعْتَزَلَهَا إلَى أَنْ تَهْتَدِيَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ الشَّرِيفِ؟
الْجَوَابُ: أَمَّا إذَا تَزَوَّجَهَا زَوْجٌ لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ، فَهَذَا الْمُحَلِّلُ، وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» ، وَأَمَّا حَدِيثُ رِفَاعَةَ فَذَاكَ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَهَا نِكَاحًا ثَابِتًا، لَمْ يَكُنْ قَدْ تَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا لِلْمُطَلِّقِ، وَإِذَا تَزَوَّجَتْ بِالْمُحَلِّلِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، إذْ غَايَتُهَا أَنْ تَكُونَ مَوْطُوءَةً فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ. فَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ مِنْهُ. وَمَا كَانَ يَحِلُّ لِلْأَوَّلِ وَطْؤُهَا وَإِذَا وَطِئَهَا فَهُوَ زَانٍ عَاهِرٌ.
وَنِكَاحُهَا بِالْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ ثَلَاثًا بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ. وَعَلَيْهِ أَنْ يَعْتَزِلَهَا فَإِذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ لَحِقَ بِالْمُحَلِّلِ. فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي وَطِئَهَا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ. وَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالْوَاطِئِ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ. لِأَنَّ عِدَّتَهُ انْقَضَتْ وَتَزَوَّجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِمَنْ وَطِئَهَا.
وَهَذَا يَقْطَعُ حُكْمَ الْفِرَاشِ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ؛ وَلَا يَلْحَقُ بِوَطْئِهِ زِنًا لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» ، لَكِنْ إنْ عَلِمَ الْمُحَلِّلُ أَنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ مِنْهُ بَلْ مِنْ هَذَا الْعَاهِرِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَنْفِيَهُ بِاللِّعَانِ فَيُلَاعِنَهَا لِعَانًا يَنْقَطِعُ فِيهِ نَسَبُ الْوَلَدِ. وَيَلْحَقُ نَسَبُ الْوَلَدِ بِأُمِّهِ وَلَا يَلْحَقُ بِالْعَاهِرِ بِحَالٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute