للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ وَيُقَامُ الْحَدُّ وَلَوْ كَانَ مَنْ يُقِيمُهُ شَرِيكًا لِمَنْ يُقِيمُهُ عَلَيْهِ فِي الْمَعْصِيَةِ]

ِ أَوْ عَوْنًا لَهُ وَلِهَذَا ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَ وَيَنْهَى وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَ مَعْصِيَتَيْنِ وَالرَّقِيقُ إنْ زَنَى عَلَانِيَةً وَجَبَ عَلَى السَّيِّدِ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهِ وَإِنْ عَصَى سِرًّا فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِ إقَامَتُهُ بَلْ يُخَيَّرُ بَيْنَ سَتْرِهِ أَوْ اسْتِتَابَتِهِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا يُخَيَّرُ الشُّهُودُ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ بَيْنَ إقَامَتِهَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَبَيْنَ السَّتْرِ عَلَيْهِ وَاسْتِتَابَتِهِ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ فَإِنَّهُ يُرَجَّحُ أَنْ يَتُوبَ إنْ سَتَرُوهُ وَإِنْ كَانَ فِي تَرْكِ إقَامَةِ الْحَدِّ ضَرَرٌ عَلَى النَّاسِ كَانَ الرَّاجِحُ فِعْلَهُ وَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ بَيْعُ الْأَمَةِ إذَا زَنَتْ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ وَيَجْتَمِعُ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا شُيُوخُ الْمَذْهَبِ.

[بَابُ حُكْمِ الْمُرْتَدِّ]

ِّ وَالْمُرْتَدُّ مَنْ أَشْرَكَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ كَانَ مُبْغِضًا لِلرَّسُولِ وَلِمَا جَاءَ بِهِ أَوْ تَرَكَ إنْكَارَ مُنْكَرٍ بِقَلْبِهِ أَوْ تَوَهَّمَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ أَوْ التَّابِعِينَ أَوْ تَابِعِيهِمْ قَاتَلَ مَعَ الْكُفَّارِ أَوْ أَجَازَ ذَلِكَ أَوْ أَنْكَرَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ إجْمَاعًا قَطْعِيًّا أَوْ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَسَائِطَ يَتَوَكَّلُ عَلَيْهِمْ وَيَدْعُوهُمْ وَيَسْأَلُهُمْ وَمَنْ شَكَّ فِي صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَمِثْلُهُ لَا يَجْهَلُهَا فَمُرْتَدٌّ وَإِنْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُهَا فَلَيْسَ بِمُرْتَدٍّ، وَلِهَذَا لَمْ يُكَفِّرْ النَّبِيُّ

الرَّجُلَ الشَّاكَّ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ، وَإِعَادَتِهِ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الرِّسَالَةِ وَمِنْهُ قَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: " مَهْمَا يَكْتُمْ النَّاسُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ "، قَالَ: نَعَمْ.

وَإِذَا أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ عَصَمَ دَمَهُ وَمَالَهُ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّةِ إسْلَامِهِ حَاكِمٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ بَلْ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مَنْ شُهِدَ عَلَيْهِ بِالرِّدَّةِ فَأَنْكَرَ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَلَا يَحْتَاجُ أَنْ يَفِيَ بِمَا شَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَتُوبُ عَنْ أَئِمَّةِ الْكُفْرِ الَّذِينَ هُمْ أَعْظَمُ مِنْ أَئِمَّةِ الْبِدَعِ وَمَنْ شُفِعَ عِنْدَهُ فِي رَجُلٍ فَقَالَ لَوْ جَاءَ النَّبِيُّ يَشْفَعُ فِيهِ مَا قَبِلْت مِنْهُ إنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ قُتِلَ لَا قَبْلَهَا فِي أَظْهَرِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فِيهِمَا، وَلَا يَضْمَنُ الْمُرْتَدُّ مَا أَتْلَفَهُ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ مُرْتَدَّةٍ مُمْتَنِعَةٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَصَاحِبُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>