للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِكَثِيرٍ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَحْسَنُ حَالِ عَوَامِّهِمْ أَنْ يَكُونُوا رَافِضَةً جَهْمِيَّةً. وَأَمَّا الِاتِّحَادِيَّةُ فَفِي عَوَامِّهِمْ مَنْ لَيْسَ بِرَافِضِيٍّ وَلَا جَهْمِيٍّ صَرِيحٍ؛ وَلَكِنْ لَا يَفْهَمُ كَلَامَهُمْ؛ وَيَعْتَقِدُ أَنَّ كَلَامَهُمْ كَلَامُ الْأَوْلِيَاءِ الْمُحَقِّقِينَ. وَبَسْطُ هَذَا الْجَوَابِ لَهُ مَوَاضِعُ غَيْرُ هَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ فِي النُّصَيْرِيَّةِ الْقَائِلِينَ بِاسْتِحْلَالِ الْخَمْرِ وَتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ وَقِدَمِ الْعَالَمِ]

٧٥٥ - ١٠٩ مَسْأَلَةٌ:

مَا تَقُولُ السَّادَةُ الْعُلَمَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -، وَأَعَانَهُمْ عَلَى إظْهَارِ الْحَقِّ الْمُبِينِ، وَإِخْمَادِ شَغَبِ الْمُبْطِلِينَ: فِي " النُّصَيْرِيَّةِ " الْقَائِلِينَ بِاسْتِحْلَالِ الْخَمْرِ، وَتَنَاسُخِ الْأَرْوَاحِ، وَقِدَمِ الْعَالَمِ، وَإِنْكَارِ الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ فِي غَيْرِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَبِأَنَّ " الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ " عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسَةِ أَسْمَاءٍ، وَهِيَ: عَلِيٌّ، وَحَسَنٌ، وَحُسَيْنٌ، وَمُحْسِنٍ، وَفَاطِمَةٌ. فَذَكَرَ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ الْخَمْسَةَ عَلَى رَأْيِهِمْ يُجْزِيهِمْ عَنْ الْغُسْلِ مِنْ الْجَنَابَةِ، وَالْوُضُوءِ وَبَقِيَّةِ شُرُوطِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَةِ وَوَاجِبَاتِهَا. وَبِأَنَّ " الصِّيَامَ " عِنْدَهُمْ عِبَارَةٌ عَنْ اسْمِ ثَلَاثِينَ رَجُلًا، وَاسْمُ ثَلَاثِينَ امْرَأَةً، يُعِدُّونَهُمْ فِي كُتُبِهِمْ، وَيَضِيقُ هَذَا الْمَوْضِعُ عَنْ إبْرَازِهِمْ؛ وَبِأَنَّ إلَهَهُمْ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: فَهُوَ عِنْدَهُمْ الْإِلَهُ فِي السَّمَاءِ، وَالْإِمَامُ فِي الْأَرْضِ، فَكَانَتْ الْحِكْمَةُ فِي ظُهُورِ اللَّاهُوتِ بِهَذَا النَّاسُوتِ عَلَى رَأْيِهِمْ أَنْ يُؤَنِّسَ خَلْقَهُ وَعَبِيدَهُ؛ لِيُعَلِّمَهُمْ كَيْفَ يَعْرِفُونَهُ وَيَعْبُدُونَهُ.

وَبِأَنَّ النُّصَيْرِيَّ عِنْدَهُمْ لَا يَصِيرُ نُصَيْرِيًّا مُؤْمِنًا يُجَالِسُونَهُ، وَيَشْرَبُونَ مَعَهُ الْخَمْرَ، وَيُطْلِعُونَهُ عَلَى أَسْرَارِهِمْ، وَيُزَوِّجُونَهُ مِنْ نِسَائِهِمْ: حَتَّى يُخَاطِبَهُ مُعَلِّمُهُ. وَحَقِيقَةُ الْخِطَابِ عِنْدَهُمْ أَنْ يُحَلِّفُوهُ عَلَى كِتْمَانِ دِينِهِ، وَمَعْرِفَةِ مَشَايِخِهِ، وَأَكَابِرِ أَهْلِ مَذْهَبِهِ؛ وَعَلَى أَنْ لَا يَنْصَحَ مُسْلِمًا وَلَا غَيْرَهُ إلَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ، وَعَلَى أَنْ يَعْرِفَ رَبَّهُ وَإِمَامَهُ بِظُهُورِهِ فِي أَنْوَارِهِ وَأَدْوَارِهِ، فَيُعَرِّفَهُ انْتِقَالَ الِاسْمِ وَالْمَعْنَى فِي كُلِّ حِينٍ وَزَمَانٍ.

فَالِاسْمُ عِنْدَهُمْ فِي أَوَّلِ النَّاسِ آدَمَ وَالْمَعْنَى هُوَ شِيثٌ، وَالِاسْمُ يَعْقُوبُ، وَالْمَعْنَى هُوَ يُوسُفُ. وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا يَزْعُمُونَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ حِكَايَةً عَنْ يَعْقُوبَ وَيُوسُفَ - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَيَقُولُونَ: أَمَّا يَعْقُوبُ فَإِنَّهُ كَانَ الِاسْمَ، فَمَا قَدَرَ أَنْ يَتَعَدَّى مَنْزِلَتَهُ فَقَالَ: {سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي} [يوسف: ٩٨] وَأَمَّا يُوسُفُ فَكَانَ الْمَعْنَى الْمَطْلُوبَ فَقَالَ: {لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ} [يوسف: ٩٢] فَلَمْ يُعَلِّقْ الْأَمْرَ بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ الْإِلَهُ الْمُتَصَرِّفُ، وَيَجْعَلُونَ مُوسَى هُوَ الِاسْمُ، وَيُوشَعُ هُوَ الْمَعْنَى وَيَقُولُونَ: يُوشَعُ رُدَّتْ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>