فَإِنْ امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، زَوَّجَهَا الْحَاكِمُ أَوْ عَصَبَةُ الْمُعْتِقِ إنْ كَانَ لَهُ عَصَبَةٌ غَيْرُ أَوْلَادِهِ.
لَكِنْ مِنْ الْعُلَمَاءِ مَنْ يُقَدِّمُ الْحَاكِمَ إذَا عَضَلَ الْوَلِيُّ الْأَقْرَبُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَدِّمُ الْعَصَبَةَ كَأَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَصَبَةٌ زَوَّجَ الْحَاكِمُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَلَوْ امْتَنَعَ الْعَصَبَةُ كُلُّهُمْ زَوَّجَ الْحَاكِمُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِذَا أَذِنَ الْعَصَبَةُ لِلْحَاكِمِ جَازَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.
[مَسْأَلَةٌ تَزَوَّجَ بِكْرًا فَوَجَدَهَا مُسْتَحَاضَةً]
٤٠٦ - ٨ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ تَزَوَّجَ بِكْرًا فَوَجَدَهَا مُسْتَحَاضَةً لَا يَنْقَطِعُ دَمُهَا مِنْ بَيْتِ أُمِّهَا، وَأَنَّهُمْ غَرَوْهُ، فَهَلْ لَهُ فَسْخُ النِّكَاحِ وَيَرْجِعُ عَلَى مَنْ غَرَّهُ بِالصَّدَاقِ؟ وَهَلْ يَجِبُ عَلَى أُمِّهَا وَأَبِيهَا يَمِينٌ إذَا أَنْكَرُوا أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَكُونُ لَهُ وَطْؤُهَا أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: هَذَا عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ فَسْخُ النِّكَاحِ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ الْوَطْءُ مَعَهُ إلَّا بِضَرَرٍ يَخَافُهُ وَأَذًى يَحْصُلُ لَهُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ وَطْءَ الْمُسْتَحَاضَةِ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَمَا يَمْنَعُ الْوَطْءَ حِسًّا كَاسْتِدَادِ الْفَرْجِ، أَوْ طَبْعًا كَالْجُنُونِ وَالْجُذَامِ يَثْبُتُ الْفَسْخُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، كَمَا جَاءَ عَنْ عُمَرَ.
وَأَمَّا مَا يَمْنَعُ كَمَالَ الْوَطْءِ كَالنَّجَاسَةِ فِي الْفَرْجِ فَفِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، وَالْمُسْتَحَاضَةُ أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهَا، وَإِذَا فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا مَهْرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ فُسِخَ بَعْدَهُ قِيلَ: إنَّ الصَّدَاقَ يَسْتَقِرُّ بِمِثْلِ هَذِهِ الْخَلْوَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَطِئَهَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْمَهْرِ عَلَى مَنْ غَرَّهُ.
وَقِيلَ لَا يَسْتَقِرُّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ مَنْ ادَّعَى الْغُرُورَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَغُرَّهُ.
وَوَطْءُ الْمُسْتَحَاضَةِ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ، وَقِيلَ: يَجُوزُ وَطْؤُهَا كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، وَلَهُ الْخِيَارُ مَا لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ، فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لَهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْجَهْلَ، فَهَلْ لَهُ الْخِيَارُ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ وَالْأَظْهَرُ ثُبُوتُ الْفَسْخِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute