لِشَارِبٍ حَلَّ وَبَلَّ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لِشَارِبٍ وَمُتَوَضِّئٍ. وَلِهَذَا اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ هَلْ يُكْرَهُ الْغُسْلُ وَالْوُضُوءُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، وَذَكَرُوا فِيهِ رِوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.
وَالشَّافِعِيُّ احْتَجَّ بِحَدِيثِ الْعَبَّاسِ، وَالْمُرَخِّصُ احْتَجَّ بِحَدِيثٍ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تَوَضَّأَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ» ، وَالصَّحَابَةَ تَوَضَّئُوا مِنْ الْمَاءِ الَّذِي نَبَعَ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ مَعَ بَرَكَتِهِ، لَكِنْ هَذَا وَقْتُ حَاجَةٍ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ النَّهْيَ مِنْ الْعَبَّاسِ إنَّمَا جَاءَ عَنْ الْغُسْلِ فَقَطْ لَا عَنْ الْوُضُوءِ.
وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْوُضُوءِ هُوَ لِهَذَا الْوَجْهِ، فَإِنَّ الْغُسْلَ يُشْبِهُ إزَالَةَ النَّجَاسَةِ، وَلِهَذَا يَجِبُ أَنْ يُغْسَلَ مِنْ الْجَنَابَةِ مَا يَجِبُ أَنْ يُغْسَلَ مِنْ النَّجَاسَةِ، وَحِينَئِذٍ فَصَوْنُ هَذِهِ الْمِيَاهِ الْمُبَارَكَةِ مِنْ النَّجَاسَاتِ مُتَوَجِّهٌ بِخِلَافِ صَوْنِهَا مِنْ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ مِنْ الطَّاهِرَاتِ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ فِي رَجُلٍ يُحِبُّ رَجُلًا عَالِمًا فَإِذَا الْتَقَيَا ثُمَّ افْتَرَقَا حَصَلَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ شِبْهُ الْغَشْيِ مِنْ أَجْلِ الِافْتِرَاقِ]
١٠٣٧ - ١٣ مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ يُحِبُّ رَجُلًا عَالِمًا، فَإِذَا الْتَقَيَا ثُمَّ افْتَرَقَا حَصَلَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ شِبْهُ الْغَشْيِ مِنْ أَجْلِ الِافْتِرَاقِ.
وَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ الْعَالِمُ مَشْغُولًا بِحَيْثُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ هَذَا الْحَالُ فَهَلْ هَذَا مِنْ الرَّجُل الْمُحِبِّ أَمْ هُوَ مِنْ تَأْثِيرِ الرَّجُلِ الْعَالِمِ.
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، سَبَبُهُ مِنْ هَذَا وَمِنْ هَذَا، مِثْلُ الْمَاءِ إذَا شَرِبَهُ الْعَطْشَانُ حَصَلَتْ لَهُ لَذَّةٌ وَطِيبَةٌ وَسَبَبُهَا عَطَشُهُ وَبَرْدُ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ النَّارُ إذَا وَقَعَتْ فِي الْقُطْنِ سَبَبُهُ مِنْهَا وَمِنْ الْقُطْنِ، وَالْعَالِمُ الْمُقْبِلُ عَلَى الطَّالِبِ يَحْصُلُ لَهُ لَذَّةٌ وَطِيبٌ وَسُرُورٌ بِسَبَبِ إقْبَالِهِ هَذَا وَتَوَجُّهِهِ، وَهَذَا حَالُ الْمُحِبِّ مَعَ الْمَحْبُوبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ فِي رَجُلٍ لَعَنَ الْيَهُودِيَّ وَلَعَنَ دِينَهُ وَسَبَّ التَّوْرَاةَ]
١٠٣٨ - ١٤ مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ لَعَنَ الْيَهُودِيَّ وَلَعَنَ دِينَهُ وَسَبَّ التَّوْرَاةَ، فَهَلْ يَجُوزُ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَسُبَّ كِتَابَهُمْ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَلْعَنَ التَّوْرَاةَ، بَلْ مَنْ أَطْلَقَ لَعْنَ التَّوْرَاةِ فَإِنَّهُ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَعْرِفُ أَنَّهَا مُنَزَّلَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَأَنَّهُ يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا، فَهَذَا يُقْتَلُ بِشَتْمِهِ لَهَا.