للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمُطَلِّقِهَا، قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَا إلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ كُنَّا نَعُدُّهُ سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَذَا الْإِسْنَادُ جَيِّدٌ، رِجَالُهُ مَشَاهِيرُ ثِقَاتٌ وَهُوَ نَصٌّ فِي أَنَّ التَّحْلِيلَ الْمَكْتُومَ كَانُوا يَعُدُّونَهُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِفَاحًا.

[الْمَسْلَك الثَّالِث التَّحْلِيل لَوْ كَانَ جَائِزًا لَكَانَ النَّبِيّ يَدُلّ عَلَيْهِ مِنْ طلق ثَلَاثًا]

الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ: أَنَّ التَّحْلِيلَ لَوْ كَانَ جَائِزًا لَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدُلُّ عَلَيْهِ مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ كَانَ أَرْحَمَ النَّاسِ بِأُمَّتِهِ وَأَحَبَّهُمْ لِمَيَاسِيرِ الْأُمُورِ، وَمَا خُيِّرَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إثْمًا، وَقَدْ جَاءَتْهُ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيّ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ، وَهُوَ يُرْوَى مِنْ حِرْصِهَا عَلَى الْعَوْدِ إلَى زَوْجِهَا مَا يَرِقُّ الْقَلْبُ لِحَالِهَا وَيُوجِبُ إعَانَتَهَا عَلَى مُرَاجَعَةِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَتْ مُمْكِنَةً، وَمَعْلُومٌ أَنَّ التَّحْلِيلَ إذَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا فَلَا يُحْصَى مَنْ يَتَزَوَّجُهَا فَيَبِيتُ عِنْدَهَا لَيْلَةً ثُمَّ يُفَارِقُهَا، وَلَوْ أَنَّهُ مَنْ قَدْ كَانَ يَسْتَمْتِعُ، وَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ حَلِّلْ هَذِهِ لِزَوْجِهَا، فَلَمَّا لَمْ يَأْمُرْ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ خُلَفَائِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ عُلِمَ أَنَّ هَذَا لَا سَبِيلَ إلَيْهِ، وَأَنَّ مَنْ أَمَرَ بِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَمْ تُسَمِّهِ السُّنَّةُ حَتَّى تَعُدَّهَا إلَى بِدْعَةٍ زَيَّنَهَا الشَّيْطَانُ لِمَنْ أَطَاعَهُ، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَمَنْ تَأَمَّلَ هَذَا الْمَسْلَكَ وَعَلِمَ كَثْرَةَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَخُلَفَائِهِ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَأْذَنُوا لِأَحَدٍ فِي تَحْلِيلٍ، عَلِمَ قَطْعًا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الدِّينِ. فَإِنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْفِعْلِ إذَا كَانَ قَدِيمًا قَوِيًّا وَجَبَ وُجُودُهُ، إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْهُ مَانِعٌ، فَلَمَّا لَمْ يُوجَدْ التَّحْلِيلُ مَعَ قُوَّةِ مُقْتَضِيهِ عُلِمَ أَنَّ فِي الدِّينِ مَا يَمْنَعُ مِنْهُ.

[الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ]

ِ، فَرَوَى قَبِيصَةُ بْنُ جَابِرٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ: لَا أُوتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إلَّا رَجَمْتُهُمَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْجُوزَجَانِيُّ وَحَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ وَهُوَ مَشْهُورٌ مَحْفُوظٌ عَنْ عُمَرَ.

وَعَنْ زَيْدِ بْنِ عِيَاضِ بْنِ جَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ نَافِعًا يَقُولُ إنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ عَنْ الْمُحَلِّلِ فَقَالَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>