للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ يَبْسُطُ سَجَّادَةً فِي الْجَامِعِ وَيُصَلِّي عَلَيْهَا]

مَسْأَلَةٌ:

فِيمَنْ يَبْسُطُ سَجَّادَةً فِي الْجَامِعِ، وَيُصَلِّ عَلَيْهَا: هَلْ مَا فَعَلَهُ بِدْعَةٌ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَمَّا الصَّلَاةُ عَلَى السَّجَّادَةِ بِحَيْثُ يَتَحَرَّى الْمُصَلِّي ذَلِكَ فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ سُنَّةَ السَّلَفِ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ بَلْ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي مَسْجِدِهِ عَلَى الْأَرْضِ، لَا يَتَّخِذُ أَحَدُهُمْ سَجَّادَةً يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ بَسَطَ سَجَّادَةً فَأَمَرَ مَالِكٌ بِحَبْسِهِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فَقَالَ: أَمَا عَلِمْت أَنَّ بَسْطَ السَّجَّادَةِ فِي مَسْجِدِنَا بِدْعَةٌ.

وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي حَدِيثِ اعْتِكَافِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اعْتَكَفْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ - وَفِيهِ قَالَ: مَنْ اعْتَكَفَ فَلْيَرْجِعْ إلَى مُعْتَكَفِهِ فَإِنِّي رَأَيْت هَذِهِ اللَّيْلَةَ وَرَأَيْتنِي أَسْجُدُ فِي مَاءٍ وَطِينٍ» . وَفِي آخِرِهِ: «فَلَقَدْ رَأَيْت يَعْنِي صَبِيحَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ عَلَى أَنْفِهِ وَأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الْمَاءِ وَالطِّينِ» . فَهَذَا بَيِّنٌ أَنَّ سُجُودَهُ كَانَ عَلَى الطِّينِ. وَكَانَ مَسْجِدُهُ مَسْقُوفًا بِجَرِيدِ النَّخْلِ يَنْزِلُ مِنْهُ الْمَطَرُ، فَكَانَ مَسْجِدُهُ مِنْ جِنْسِ الْأَرْضِ.

وَرُبَّمَا وَضَعُوا فِيهِ الْحَصَى، كَمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ «عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ قَالَ: سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - عَنْ الْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ: مُطِرْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَأَصْبَحَتْ الْأَرْضُ مُبْتَلَّةً، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَأْتِي بِالْحَصَى فِي ثَوْبِهِ فَيَبْسُطُهُ تَحْتَهُ، فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. قَالَ: مَا أَحْسَنَ هَذَا؟» . وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد أَيْضًا، عَنْ أَبِي بَدْرٍ شُجَاعِ بْنِ الْوَلِيدِ، عَنْ شَرِيكٍ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَبُو بَدْرٍ أَرَاهُ قَدْ رَفَعَهُ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ الْحَصَاةَ تُنَاشِدُ الَّذِي يُخْرِجُهَا مِنْ الْمَسْجِدِ» . وَلِهَذَا فِي السُّنَنِ وَالْمُسْنَدِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>