مَفْسَدَةٌ لَيْسَتْ فِيهَا وَهِيَ الْحِدَّةُ، فَهِيَ بِالتَّحْرِيمِ أَوْلَى مِنْ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ آكِلِ الْحَشِيشَةِ عَلَى نَفْسِهِ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِ الْخَمْرِ؛ وَضَرَرُ شَارِبِ الْخَمْرِ عَلَى النَّاسِ أَشَدُّ؛ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ لِكَثْرَةِ أَكْلِ الْحَشِيشَةِ صَارَ الضَّرَرُ الَّذِي مِنْهَا عَلَى النَّاسِ أَعْظَمَ مِنْ الْخَمْرِ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ اللَّهُ الْمَحَارِمَ لِأَنَّهَا تَضُرُّ أَصْحَابَهَا وَإِلَّا فَلَوْ ضَرَّتْ النَّاسَ وَلَمْ تَضُرَّهُ لَمْ يُحَرِّمْهَا؛ إذْ الْحَاسِدُ يَضُرُّهُ حَالُ الْمَحْسُودِ، وَلَمْ يُحَرِّمْ اللَّهُ اكْتِسَابَ الْمَعَالِي لِدَفْعِ تَضَرُّرِ الْحَاسِدِ. هَذَا وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ؛ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَهَذِهِ مُسْكِرَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَشْمَلْهَا لَفْظٌ بِعَيْنِهَا لَكَانَ فِيهَا مِنْ الْمَفَاسِدِ مَا حُرِّمَتْ الْخَمْرُ لِأَجْلِهَا؛ مَعَ أَنَّ فِيهَا مَفَاسِدَ أُخَرَ غَيْرَ مَفَاسِدِ الْخَمْرِ تُوجِبُ تَحْرِيمَهَا] . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ رَجُلٍ مُدْمِنٍ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ وَهُوَ مُوَاظِبٌ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ]
٧٢٣ - ٧٧ مَسْأَلَةٌ: فِي رَجُلٍ مُدْمِنٍ عَلَى الْمُحَرَّمَاتِ، وَهُوَ مُوَاظِبٌ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَيُصَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كُلَّ يَوْمٍ، وَيَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ كُلَّ يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ، فَهَلْ يُكَفَّرُ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ وَالِاسْتِغْفَارِ؟ .
الْجَوَابُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٨] فَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُهُ بَلْ يُثِيبُهُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَا يَفْعَلُهُ مِنْ الْمُحَرَّمِ الْيَسِيرِ فَيَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ وَيُرْجَى لَهُ مِنْ اللَّهِ التَّوْبَةُ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٢] .
وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتُبْ فَهَذَا أَمْرُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، هُوَ أَعْلَمُ بِمِقْدَارِ حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ وَلَا يُشْهَدُ لَهُ بِجَنَّةٍ وَلَا نَارٍ، بِخِلَافِ الْخَوَارِجِ وَالْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute