كَالْمُضَارَبَةِ وَكَاقْتِسَامِهِمَا مَا يَبْقَى بَعْدَ الْكَلَفِ، وَإِذَا صَحَّتْ الْمُزَارَعَةُ فَيَلْزَمُ الْمُقْطِعَ عُشْرُ نَصِيبِهِ وَمَنْ قَالَ الْعُشْرُ كُلُّهُ عَلَى الْفَلَّاحِ فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ، وَإِنْ أَلْزَمُوا الْفَلَّاحَ بِهِ فَمَسْأَلَةُ الظُّفْرِ وَالْحَقُّ ظَاهِرٌ فَيَجُوزُ لَهُ قَدْرُ مَا ظُلِمَ بِهِ وَالْمَسَّاحُ عَلَى الْمَالِكِ، وَيَتْبَعُ فِي الْكُلَفِ السُّلْطَانِيَّةِ الْعُرْفَ مَا لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ، وَمَا طُولِبَ مِنْ الْقَرْيَةِ مِنْ الْوَظَائِفِ السُّلْطَانِيَّةِ وَنَحْوِهَا فَعَلَ قَدْرَ الْأَمْوَالِ، وَإِنْ وُضِعَتْ عَلَى الزَّرْعِ فَعَلَى رَبِّهِ، وَإِنْ مُنِعَتْ مُطْلَقًا فَالْعَادَةُ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُقْطِعُ عَلَى الْفَلَّاحِ شَيْئًا مَأْكُولًا. وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ نَصِيبِ الْفَلَّاحِ لِلْقَطْعِ، وَالْعُشْرُ وَالرِّئَاسَةُ إنْ كَانَتْ لَوْ دُفِعَتْ مُقَاسَمَةً قُسِمَتْ أَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِمِقْدَارٍ فَأَخَذَ قَدْرَهُ فَلَا بَأْسَ، وَهَدِيَّةُ الْفَلَّاحِ لِلْمُقْطِعِ إنَّمَا هِيَ بِسَبَبِ الْإِقْطَاعِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحِسَّهَا لَهُ مِمَّا عِنْدَهُ أَوْ لَا يَأْخُذَهَا.
وَإِذَا فَسَدَتْ الْمُزَارَعَةُ أَوْ الْمُسَاقَاةُ أَوْ الْمُضَارَبَةُ اسْتَحَقَّ الْعَامِلُ نَصِيبَ الْمِثْلِ وَهُوَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ فِي مِثْلِهِ لَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِذَا كُنَّا نَقُولُ فِي الْغَاصِبِ إنَّ زَرْعَهُ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ، فَلَأَنْ نَقُولَ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ إنَّ الزَّرْعَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ الْبَذْرُ لِغَيْرِهِ أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْإِجَارَةِ]
وَهَلْ تَنْعَقِدُ الْإِجَارَةُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فِيهِ وَجْهَانِ يَثْبُتَانِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُعَاوَضَةَ نَوْعٌ مِنْ الْبَيْعِ أَوْ شَبَهٌ بِهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الدَّابَّةَ بِعَلَفِهَا وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ، وَيَصِحُّ أَنْ يَسْتَأْجِرَ لِابْنِهِ وَلَوْ جَعَلَ الْأُجْرَةَ نَفَقَتَهُ نَصَّ مَالِكٌ عَلَى جَوَازِ إجَارَةٍ لِابْنِهِ فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ تَبَعًا لِنَصِّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ بِهَا مَوْرِدَ النَّصِّ، وَلَمْ يَدُلَّ عَلَيْهَا نَصُّهُ.
وَإِذَا اسْتَأْجَرَ لَبَنَهُ فَنَقَصَ عَنْ الْعَادَةِ كَبَعِيرِ الْعَادَةِ بِبَعِيرِ الْعَادَةِ فِي الْمَنْفَعَةِ بِمَلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute