ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: «أَوَّلُ جُمُعَةٍ جُمِّعَتْ فِي الْإِسْلَامِ بَعْدَ جُمُعَةِ الْمَدِينَةِ جُمُعَةٌ بِجُوَاثَى قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ عَلَيْهِ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ» . وَكَذَلِكَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إلَى الْمُسْلِمِينَ يَأْمُرُهُمْ بِالْجُمُعَةِ حَيْثُ كَانُوا. وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَمُرُّ بِالْمِيَاهِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَهُمْ يُقِيمُونَ الْجُمُعَةَ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا قَوْلُ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا جُمُعَةَ وَلَا تَشْرِيقَ إلَّا فِي مِصْرٍ جَامِعٍ. فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُخَالِفٌ لَجَازَ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّ كُلَّ قَرْيَةٍ مِصْرٌ جَامِعٌ كَمَا أَنَّ الْمِصْرَ الْجَامِعَ يُسَمَّى قَرْيَةً. وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ مَكَّةَ قَرْيَةً، بَلْ سَمَّاهَا أُمَّ الْقُرَى " بَلْ وَمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْ مَكَّةَ، كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلا نَاصِرَ لَهُمْ} [محمد: ١٣] وَسَمَّى مِصْرَ الْقَدِيمَةَ قَرْيَةً بِقَوْلِهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يوسف: ٨٢] . وَمِثْلُهُ فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاة فِي جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ]
٣٠١ - ٢١٧ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلَيْنِ اخْتَلَفَا فِي الصَّلَاةِ فِي جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ، هَلْ هِيَ بِتِسْعِينَ صَلَاةٍ كَمَا زَعَمُوا أَمْ لَا؟ ذَكَرُوا أَنَّ فِيهِ ثَلَاثَمِائَةِ نَبِيٍّ مَدْفُونِينَ، فَهَلْ ذَلِكَ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ النَّائِمَ بِالشَّامِ كَالْقَائِمِ بِاللَّيْلِ بِالْعِرَاقِ، وَذَكَرُوا أَنَّ الصَّائِمَ الْمُتَطَوِّعَ بِالْعِرَاقِ كَالْمُفْطِرِ بِالشَّامِ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْبَرَكَةَ أَحَدَ وَسَبْعِينَ جُزْءًا مِنْهَا جُزْءٌ وَاحِدٌ بِالْعِرَاقِ وَسَبْعُونَ بِالشَّامِ، فَهَلْ هَذَا صَحِيحٌ أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، لَمْ يَرِدْ فِي جَامِعِ دِمَشْقَ فِي حَدِيثٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَضْعِيفِ الصَّلَاةِ فِيهِ، وَلَكِنْ هُوَ مِنْ أَكْثَرِ الْمَسَاجِدِ ذِكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ عَدَدَ الْأَنْبِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ.
وَأَمَّا الْقَائِمُ بِالشَّامِ أَوْ غَيْرِهِ فَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، فَإِنَّ الْمُقِيمَ فِيهِ بِنِيَّةٍ صَالِحَةٍ فَإِنَّهُ يُثَابُ عَلَى ذَلِكَ. وَكُلُّ مَكَان يَكُونُ فِيهِ الْعَبْدُ أَطْوَعَ لِلَّهِ فَمُقَامُهُ فِيهِ أَفْضَلُ. وَقَدْ جَاءَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute