للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُعَوَّضِ بَلْ يُؤْخَذُ هَذَا الْمَالُ فَيُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قِيلَ فِي مَهْرِ الْبَغِيِّ وَحُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ عِوَضٌ عَنْ عَيْنٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ مُحَرَّمَةٍ إذَا كَانَ الْمَاضِي قَدْ اسْتَوْفَى الْعِوَضَ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ ذِمِّيٌّ لِذِمِّيٍّ خَمْرًا سِرًّا فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَإِذَا تَقَابَضَا جَازَ أَنْ يُعَامِلَهُ الْمُسْلِمُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْ ثَمَنِ الْخَمْرِ كَمَا قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَوْ هَمَّ بِبَيْعِهَا وَأَخَذُوا مِنْهُمْ أَثْمَانَهَا بَلْ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُخَرِّبَ الْمَكَانَ الَّذِي يُبَاعُ فِيهِ الْخَمْرُ كَالْحَانُوتِ وَالدَّارِ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ حَيْثُ أَخْرَبَ حَانُوتَ رُوَيْشِدٍ الثَّقَفِيِّ قَالَ: إنَّمَا أَنْتَ فُوَيْسِقٌ لَسْت بِرُوَيْشِدٍ وَكَمَا أَحْرَقَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ قَرْيَةً كَانَ يُبَاعُ فِيهَا الْخَمْرُ وَقَدْ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْعُلَمَاءِ.

[التَّعْزِير]

[مَسْأَلَةٌ أَمِير لَهُ مَمَالِيكُ فَهَلْ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى أَحَدِهِمْ حَدًّا]

التَّعْزِير ٧٢٧ - ٨١ مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ مِنْ أُمَرَاءِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ مَمَالِيكُ، وَعِنْدَهُ غِلْمَانٌ: فَهَلْ لَهُ أَنْ يُقِيمَ عَلَى أَحَدِهِمْ حَدًّا إذَا ارْتَكَبَهُ؟ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْمُرَهُمْ بِوَاجِبٍ إذَا تَرَكُوهُ كَالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَنَحْوِهَا؟ وَمَا صِفَةُ السَّوْطِ الَّذِي يُعَاقِبُهُمْ بِهِ؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْمُرَهُمْ كُلَّهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ، وَأَقَلُّ مَا يَفْعَلُ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا مِنْهُمْ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، كَمَا يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ مَا يَشْتَرِطُهُ مِنْ الْأَعْمَالِ، وَمَتَى خَرَجَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَنْ ذَلِكَ طَرَدَهُ.

وَإِذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى عُقُوبَتِهِمْ بِحَيْثُ يُقِرُّهُ السُّلْطَانُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْعُرْفِ الَّذِي اعْتَادَهُ النَّاسُ وَغَيْرِهِ لَا يُعَاقِبُهُمْ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِمْ تَحْتَ حِمَايَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعَزِّرَهُمْ عَلَى ذَلِكَ إذَا لَمْ يُؤَدُّوا الْوَاجِبَاتِ وَيَتْرُكُوا الْمُحَرَّمَاتِ إلَّا بِالْعُقُوبَةِ، وَهُوَ الْمُخَاطِبُ بِذَلِكَ حِينَئِذٍ، فَإِنَّهُ هُوَ الْقَادِرُ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ؛ مُرَاعَاةً لَهُ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يُقِيمَ هُوَ الْوَاجِبَ وَلَمْ يَقُمْ غَيْرُهُ بِالْوَاجِبِ صَارَ الْجَمِيعُ مُسْتَحَقِّينَ الْعُقُوبَةَ، قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ النَّاسَ إذَا رَأَوْا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمْ اللَّهُ بِعِقَابٍ مِنْهُ» وَقَالَ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>