للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجَابَ: وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَرْضِ قَاعِدًا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْقِيَامِ فَلَا تَصِحُّ، لَا مِنْ رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ، بَلْ قَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبِك» .

وَلَكِنْ يَجُوزُ التَّطَوُّعُ جَالِسًا، وَيَجُوزُ التَّطَوُّعُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ قِبَلَ أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَتْ بِصَاحِبِهَا، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يُصَلِّي عَلَى دَابَّتِهِ قِبَلَ أَيِّ جِهَةٍ تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا» ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ.

وَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ إذَا شَقَّ عَلَيْهِ الْقِيَامُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ صَلَّى عَلَى جَنْبِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ رَجُلٌ لَا يُمْكِنُهُ النُّزُولُ إلَى الْأَرْضِ صَلَّى عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَالْخَائِفُ مِنْ عَدُوِّهِ إذَا نَزَلَ يُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ]

٢٨٤ - ٢٠٠ - سُئِلَ: هَلْ الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ سُنَّةٌ أَوْ عَزِيمَةٌ؟ وَعَنْ صِحَّةِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «كُلُّ ذَلِكَ قَدْ فَعَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَصَرَ الصَّلَاةَ وَأَتَمَّ» .

أَجَابَ: أَمَّا الْقَصْرُ فِي السَّفَرِ فَهُوَ سُنَّةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسُنَّةُ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ قَطُّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَكَذَلِكَ عُثْمَانُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ خِلَافَتِهِ، لَكِنَّهُ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ أَتَمَّهَا بِمِنًى لِأَعْذَارٍ مَذْكُورَةٍ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ خَطَأٌ عَلَى عَائِشَةَ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ أَبِي يَحْيَى الْمَدَنِيُّ الْقَدَرِيُّ، وَهُوَ، وَطَلْحَةُ بْنُ عَمْرٍو الْمَكِّيُّ ضَعِيفَانِ، بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْحَدِيثِ لَا يُحْتَجُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا هُوَ دُونَ هَذَا.

وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: " فُرِضَتْ الصَّلَاةُ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، فَأُقِرَّتْ صَلَاةُ السَّفَرِ، وَزِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ ".

وَقِيلَ لِعُرْوَةِ: فَلِمَ أَتَمَّتْ عَائِشَةُ الصَّلَاةَ؟ قَالَ: تَأَوَّلَتْ، كَمَا تَأَوَّلَ عُثْمَانُ.

فَهَذِهِ عَائِشَةُ تُخْبِرُ بِأَنَّ صَلَاةَ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَابْنُ أُخْتِهَا عُرْوَةُ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا: يَذْكُرُ أَنَّهَا أَتَمَّتْ بِالتَّأْوِيلِ. لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا بِذَلِكَ سُنَّةٌ.

وَكَذَلِكَ ثَبَتَ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>