الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، أَمَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ فَإِنَّهُمْ وَإِنْ أُقِرُّوا عَلَى مَا يَسْتَحِقُّونَهُ بِهِ فِي دِينِهِمْ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوا الْمُسْلِمَ خَمْرًا وَلَا يُهْدُوهَا إلَيْهِ، وَلَا يُعَاوِنُوهُ عَلَيْهَا بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَعْصِرُوهَا لِمُسْلِمٍ، وَلَا يَحْمِلُوهَا لَهُ وَلَا يَبِيعُوهَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا ذِمِّيٍّ، وَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا هُوَ مَشْرُوطٌ عَلَيْهِمْ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ، وَمَتَى فَعَلُوا ذَلِكَ اسْتَحَقُّوا الْعُقُوبَةَ الَّتِي تَرْدَعُهُمْ وَأَمْثَالَهُمْ عَنْ ذَلِكَ. وَهَلْ يَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ بِذَلِكَ وَتُبَاحُ دِمَاؤُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ.
وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَعِينُوا بِجَاهِ أَحَدٍ مِمَّنْ يَخْدُمُونَهُ أَوْ مِمَّنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ مِنْهُمْ، أَوْ غَيْرِهِمَا عَلَى إظْهَارِ شَيْءٍ مِنْ الْمُنْكَرَاتِ، بَلْ كَمَا تَجِبُ عُقُوبَتُهُمْ تَجِبُ عُقُوبَةُ مَنْ يُعِينُهُمْ بِجَاهِهِ أَوْ غَيْرِ جَاهِهِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ، وَإِذَا شَرِبَ الذِّمِّيُّ الْخَمْرَ فَهَلْ يُحَدُّ، ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْفُقَهَاءِ، قِيلَ يُحَدُّ وَقِيلَ لَا يُحَدُّ، وَقِيلَ يُحَدُّ إنْ سَكِرَ، وَهَذَا إذَا أَظْهَرَ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا مَا يَخْتَفُونَ بِهِ فِي بُيُوتِهِمْ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ بِالْمُسْلِمِينَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ فَلَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانُوا لَا يَنْتَهُونَ عَنْ إظْهَارِ الْخَمْرِ أَوْ عَنْ مُعَاوَنَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَيْهَا أَوْ بَيْعِهَا وَهَدْيِهَا لِلْمُسْلِمِينَ إلَّا بِإِرَاقَتِهَا عَلَيْهِمْ فَإِنَّهَا تُرَاقُ عَلَيْهِمْ مَعَ مَا يُعَاقَبُونَ بِهِ، إمَّا بِمَا يُعَاقَبُ بِهِ نَاقِضُ الْعَهْدِ وَإِمَّا بِغَيْرِ ذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ شَارِبِ الْخَمْرِ هَلْ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ]
٧٢٥ - ٧٩ مَسْأَلَةٌ:
فِي شَارِبِ الْخَمْرِ، هَلْ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ وَهَلْ إذَا سَلَّمَ رُدَّ عَلَيْهِ وَهَلْ تُشَيَّعُ جِنَازَتُهُ، وَهَلْ يُكَفَّرُ إذَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهَا؟ .
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ الْمُنْكَرَاتِ كَالْفَوَاحِشِ وَالْخَمْرِ وَالْعُدْوَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجِبُ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ بِحَسَبِ الْقُدْرَةِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» . فَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مُتَسَتِّرًا بِذَلِكَ وَلَيْسَ مُعْلِنًا لَهُ أُنْكِرَ عَلَيْهِ سِرًّا وَسُتِرَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ سَتَرَ عَبْدًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ» إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ وَالْمُعْتَدِي لَا بُدَّ مِنْ كَفِّ عُدْوَانِهِ وَإِذَا نَهَاهُ الْمَرْءُ سِرًّا فَلَمْ يَنْهَهُ فِعْلُ مَا يَنْكَفُّ بِهِ مِنْ هَجْرٍ وَغَيْرِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ أَنْفَعَ فِي الدِّينِ وَأَمَّا إذَا أَظْهَرَ الرَّجُلُ الْمُنْكَرَاتِ وَجَبَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ عَلَانِيَةً وَلَمْ يَبْقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute