[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]
ِ وَالتَّحْقِيقُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُخَبِّرَ إنْ خَبَّرَ بِمَا عَلَى نَفْسِهِ فَهُوَ مُقِرٌّ، وَإِنْ أَخْبَرَ بِمَا عَلَى غَيْرِهِ لِنَفْسِهِ فَهُوَ مُدَّعٍ، وَإِنْ أَخْبَرَ بِمَا عَلَى غَيْرِهِ لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مُؤْتَمَنًا عَلَيْهِ فَهُوَ مُخَبِّرٌ وَإِلَّا فَهُوَ شَاهِدٌ فَالْقَاضِي وَالْوَكِيلُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْوَصِيُّ وَالْمَأْذُونُ لَهُ كُلُّ هَؤُلَاءِ مَا أَدَّوْهُ مُؤْتَمَنُونَ فِيهِ فَأَخْبَارُهُمْ بَعْدَ الْعَزْلِ لَيْسَ إقْرَارًا، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ مَحْضٌ.
وَإِذَا كَانَ الْإِنْسَانُ بِبَلَدِ سُلْطَانٍ أَوْ قُطَّاعِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِمْ مِنْ الظَّلَمَةِ فَخَافَ أَنْ يُؤْخَذَ مَالُهُ أَوْ الْمَالُ الَّذِي يَتْرُكُهُ لِوَرَثَتِهِ أَوْ الْمَالُ الَّذِي بِيَدِهِ لِلنَّاسِ، إمَّا بِحُجَّةِ أَنَّهُ مَيِّتٌ لَا وَارِثَ لَهُ أَوْ بِحُجَّةِ أَنَّهُ مَالُ غَائِبٍ أَوْ بِلَا حُجَّةٍ أَصْلًا فَيَجُوزُ لَهُ الْإِقْرَارُ بِمَا يَدْفَعُ هَذَا الظُّلْمَ وَيَحْفَظُ هَذَا الْمَالَ لِصَاحِبِهِ مِثْلُ أَنْ يُقِرَّ لِحَاضِرٍ أَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ يُقِرَّ أَنَّ لَهُ عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا، أَوْ يُقِرَّ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهِ لِفُلَانٍ، وَيَتَأَوَّلُ فِي إقْرَارِهِ بِأَنْ يَعْنِيَ بِقَوْلِهِ ابْنِي كَوْنَهُ صَغِيرًا أَوْ بِقَوْلِهِ أَخِي أُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ.
وَأَنَّ الْمَالَ الَّذِي بِيَدِهِ لَهُ أَيْ لَهُ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِكَوْنِي قَدْ وَكَّلْتُهُ فِي إيصَالِهِ أَيْضًا إلَى مُسْتَحِقِّهِ لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرُّ لَهُ أَمِينًا وَالِاحْتِيَاطُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ أَيْضًا أَنَّ هَذَا الْإِقْرَارَ مَلْجَؤُهُ تَفْسِيرُهُ كَذَا وَكَذَا وَإِنْ أَقَرَّ مَنْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ وَذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَرَّرِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَجِبَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَمْ يَبْلُغْ لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَلَغَ حَجَزْتُهُ فَأَقَرَّ بِالْحَقِّ.
نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ إذَا قَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكَ قَبْلَ أَنْ أَبْلُغَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي بَعْدَ بُلُوغِكَ إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي، وَهَكَذَا يَجِيءُ فِي الْإِقْرَارِ وَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ هَلْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ الصِّحَّةُ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا عَامٌّ، وَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ أَنْ يَتَيَقَّنَ أَنَّهُ وَقْتَ التَّصَرُّفِ كَانَ مَشْكُوكًا فِيهِ غَيْرَ مَحْكُومٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute