اتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَى عَادَتِهِ وَعَادَةِ أَبِيهِ وَقَوْمِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ الْمُسْتَحَقِّينَ لِلْوَعِيدِ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَبَيَّنَ لَهُ فِي مَسْأَلَةٍ مِنْ الْمَسَائِلِ الْحَقُّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ ثُمَّ عَدَلَ عَنْهُ إلَى عَادَتِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الذَّمِّ وَالْعِقَابِ.
وَأَمَّا مَنْ كَانَ عَاجِزًا عَنْ مَعْرِفَةِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، وَقَدْ اتَّبَعَ فِيهَا مَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَنَّ قَوْلَ غَيْرِهِ أَرْجَحُ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ مَحْمُودٌ مُثَابٌ، لَا يُذَمُّ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يُعَاقَبُ.
وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ وَمَعْرِفَةِ مَا هُوَ الرَّاجِحُ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ، فَعَدَلَ عَنْ ذَلِكَ إلَى التَّقْلِيدِ، فَهَذَا قَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ، فَمَذْهَبُ أَحْمَدَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ أَنَّ هَذَا آثِمٌ أَيْضًا، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وَحُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ: أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّقْلِيدُ قِيلَ مُطْلَقًا وَقِيلَ: يَجُوزُ تَقْلِيدُ الْأَعْلَمِ.
وَحَكَى بَعْضُهُمْ هَذَا عَنْ أَحْمَدَ كَمَا ذَكَرَهُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي اللُّمَعِ وَهَذَا غَلَطٌ عَلَى أَحْمَدَ، فَإِنَّ أَحْمَدَ إنَّمَا يَقُولُ هَذَا فِي الصَّحَابَةِ فَقَطْ عَلَى اخْتِلَافٍ عَنْهُ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا مِثْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَسُفْيَانَ، وَمِثْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَأَبِي عُبَيْدٍ فَقَدْ نَصَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْعَالِمِ الْقَادِرِ عَلَى الِاسْتِدْلَالِ أَنْ يُقَلِّدَهُمْ وَقَالَ: لَا تُقَلِّدُونِي وَلَا تُقَلِّدُوا مَالِكًا وَلَا الشَّافِعِيَّ وَلَا الثَّوْرِيَّ وَكَانَ يُحِبُّ الشَّافِعِيَّ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُحِبُّ إِسْحَاقَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ، وَيُثْنِي عَلَى مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَيَأْمُرُ الْعَامِّيَّ بِأَنْ يَسْتَفْتِيَ إِسْحَاقَ وَأَبَا عُبَيْدٍ وَأَبَا ثَوْرٍ وَأَبَا مُصْعَبٍ، وَيَنْهَى الْعُلَمَاءَ مِنْ أَصْحَابِهِ، كَأَبِي دَاوُد، وَعُثْمَانَ بْنِ سَعِيدٍ، وَإِبْرَاهِيم الْحَرْبِيِّ، وَأَبِي بَكْرٍ الْأَثْرَمِ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ أَنْ لَا يُقَلِّدُوا أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ وَيَقُولُ عَلَيْكُمْ بِالْأَصْلِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
[فَصْلٌ الْعِنَبُ الَّذِي يَصِيرُ زَبِيبًا فَإِذَا أَخْرَجَ عَنْهُ زَبِيبًا بِقَدْرِ عُشْرِهِ]
فَصْلٌ وَأَمَّا الْعِنَبُ الَّذِي يَصِيرُ زَبِيبًا، فَإِذَا أَخْرَجَ عَنْهُ زَبِيبًا بِقَدْرِ عُشْرِهِ لَوْ كَانَ يَصِيرُ زَبِيبًا جَازَ، وَهُوَ أَفْضَلُ وَأَجْزَأَهُ ذَلِكَ بِلَا رَيْبٍ.
وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ الْإِخْرَاجُ مِنْ عَيْنِ الْمَالِ، لَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَلَا غَيْرِهَا، بَلْ مَنْ كَانَ مَعَهُ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ أَوْ عَرَضُ تِجَارَةٍ، أَوْ لَهُ حَبٌّ، أَوْ ثَمَرٌ يَجِبُ فِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute