للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَاةِ الْقَائِمِ، وَصَلَاتَهُ مُنْفَرِدًا مِثْلَ الصَّلَاةِ فِي جَمَاعَةٍ، وَهَذَا قَوْلٌ بَاطِلٌ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ نَصٌّ وَلَا قِيَاسٌ، وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ.

وَأَيْضًا فَيُقَالُ: تَفْضِيلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِصَلَاةِ الْجَمَاعَةِ عَلَى صَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ، وَلِصَلَاةِ الْقَائِمِ عَلَى الْقَاعِدِ، وَالْقَاعِدِ عَلَى الْمُضْطَجِعِ، إنَّمَا دَلَّ عَلَى فَضْلِ هَذِهِ الصَّلَاةِ عَلَى هَذِهِ الصَّلَاةِ، حَيْثُ يَكُونُ كُلٌّ مِنْ الصَّلَاتَيْنِ صَحِيحَةً.

أَمَّا كَوْنُ هَذِهِ الصَّلَاةِ الْمَفْضُولَةِ تَصِحُّ حَيْثُ تَصِحُّ تِلْكَ، أَوْ لَا تَصِحُّ فَالْحَدِيثُ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ بِنَفْيٍ وَلَا إثْبَاتٍ، وَلَا سِيقَ الْحَدِيثُ لِأَجْلِ بَيَانِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَفَاسِدِهَا؛ بَلْ وُجُوبُ الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ، وَسُقُوطِ ذَلِكَ، وَوُجُوبِ الْجَمَاعَةِ وَسُقُوطِهَا: يُلْتَقَى مِنْ أَدِلَّةٍ أُخَرَ.

وَكَذَلِكَ أَيْضًا كَوْنُ هَذَا الْمَعْذُورِ يُكْتَبُ لَهُ تَمَامُ عَمَلِهِ أَوْ لَا يُكْتَبُ لَهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ هَذَا الْحَدِيثُ، بَلْ يُلْتَقَى مِنْ أَحَادِيثَ أُخَرَ، وَقَدْ بَيَّنَتْ سَائِرُ النُّصُوصِ أَنَّ تَكْمِيلَ الثَّوَابِ هُوَ لِمَنْ كَانَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ الْفَاضِلَ وَهُوَ صَحِيحٌ مُقِيمٌ، لَا لِكُلِّ أَحَدٍ.

وَأَثْبَتَتْ نُصُوصٌ أُخَرُ وُجُوبَ الْقِيَامِ فِي الْفَرْضِ، كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ: «صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ» .

وَبَيَّنَ جَوَازَ التَّطَوُّعِ قَاعِدًا لَمَّا رَآهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ قُعُودًا، فَأَقَرَّهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ يُصَلِّي قَاعِدًا مَعَ كَوْنِهِ كَانَ يَتَطَوَّعُ عَلَى الرَّاحِلَةِ فِي السَّفَرِ.

كَذَلِكَ تُثْبِتُ نُصُوصٌ أُخَرُ وُجُوبَ الْجَمَاعَةِ فَيُعْطِي كُلَّ حَدِيثٍ حَقَّهُ، فَلَيْسَ بَيْنَهَا تَعَارُضٌ وَلَا تَنَافٍ، وَإِنَّمَا يُظَنُّ التَّعَارُضُ وَالتَّنَافِي مَنْ حَمَّلَهَا مَا لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَمْ يُعْطِهَا حَقَّهَا بِسُوءِ نَظَرِهِ وَتَأْوِيلِهِ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ رَجُل يُقْتَدَى بِهِ فِي تَرْكِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ]

٢٣١ - ١٤٧ - مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ يُقْتَدَى بِهِ فِي تَرْكِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ؟

فَأَجَابَ: مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِي بَيْتِهِ أَفْضَلُ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ فِي مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ ضَالٌّ مُبْتَدِعٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ صَلَاةَ الْجَمَاعَةِ؛ إمَّا فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ وَإِمَّا فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>