[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [قَوَاعِدُ فِي الْعُقُودِ] [الْقَاعِدَة الْأُولَى صِفَةُ الْعُقُودِ]
ِ قَوَاعِدُ فِي الْعُقُودِ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالنِّكَاحِيَّةِ وَغَيْرِهَا
وَأَمَّا الْعُقُودُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ الْمَالِيَّةِ وَالنِّكَاحِيَّةِ وَغَيْرِهَا، فَنَذْكُرُ فِيهَا قَوَاعِدَ جَامِعَةً عَظِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِيهَا كَالْقَوْلِ فِي الْعِبَادَاتِ، فَمِنْ ذَلِكَ:
صِفَةُ الْعُقُودِ
فَالْفُقَهَاءُ فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: إنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ أَنَّهَا لَا تَصِحُّ إلَّا بِالصِّيغَةِ، وَهِيَ الْعِبَارَاتُ الَّتِي قَدْ يَخُصُّهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ بِاسْمِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ: الْبَيْعُ، وَالْإِجَارَةُ وَالْهِبَةُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْعِتْقُ، وَالْوَقْفُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَهَذَا ظَاهِرُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، يَكُونُ تَارَةً رِوَايَةً مَنْصُوصَةً فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ كَالْبَيْعِ وَالْوَقْفِ، وَيَكُونُ تَارَةً رِوَايَةً مُخَرَّجَةً كَالْهِبَةِ وَالْإِجَارَةِ.
ثُمَّ هَؤُلَاءِ يُقِيمُونَ الْإِشَارَةَ مَقَامَ الْعِبَارَةِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا، كَمَا فِي إشَارَةِ الْأَخْرَسِ، وَيُقِيمُونَ أَيْضًا الْكِتَابَةَ فِي مَقَامِ الْعِبَارَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَقَدْ يَسْتَثْنُونَ مَوَاضِعَ دَلَّتْ النُّصُوصُ عَلَى جَوَازِهَا إذَا مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَيْهَا، كَمَا فِي الْهَدْيِ إذَا عَطِبَ دُونَ مَحِلِّهِ، فَإِنَّهُ يُنْحَرُ ثُمَّ يُضَمَّخُ نَعْلُهُ الْمُعَلَّقُ فِي عُنُقِهِ بِدَمِهِ عَلَامَةً لِلنَّاسِ، وَمَنْ أَخَذَهُ مَلَكَهُ، وَكَذَلِكَ الْهَدِيَّةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، لَكِنْ الْأَصْلُ عِنْدَهُمْ هُوَ اللَّفْظُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعُقُودِ هُوَ التَّرَاضِي الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: ٤] .
وَالْمَعَانِي الَّتِي فِي النَّفْسِ لَا تَنْضَبِطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute