للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُ. وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا أَوْ نَصْرَانِيًّا أَوْ يَهُودِيًّا وَمَنْ لَمْ يَدْخُلْ كَانَ عَدُوًّا لَهُمْ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يُقَاتِلُوا أَعْدَاءَهُ الْكُفَّارَ وَيُوَالُوا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ جُنْدِ الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْيَمَنِ وَالْمَغْرِبِ جَمِيعِهِمْ أَنْ يَكُونُوا مُتَعَاوِنِينَ عَلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ، وَلَيْسَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يُقَاتِلَ بَعْضًا بِمُجَرَّدِ الرِّيَاسَةِ وَالْأَهْوَاءِ فَهَؤُلَاءِ التَّتَارُ أَقَلُّ مَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَاتِلُوا مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ الْكَافِرِينَ، وَأَنْ يَكُفُّوا عَنْ قِتَالِ مَنْ يَلِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَيَتَعَاوَنُونَ هُمْ وَهُمْ عَلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ.

وَأَيْضًا لَا يُقَاتِلُ مَعَهُمْ غَيْرُ مُكْرَهٍ إلَّا فَاسِقٌ، أَوْ مُبْتَدِعٌ، أَوْ زِنْدِيقٌ، كَالْمَلَاحِدَةِ الْقَرَامِطَةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ، وَكَالرَّافِضَةِ السَّبَّابَةِ، وَكَالْجَهْمِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ مِنْ النُّفَاةِ الْحُلُولِيَّةِ، وَمَعَهُمْ مِمَّنْ يُقَلِّدُونَهُ مِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَى الْعِلْمِ وَالدِّينِ مَنْ هُوَ شَرٌّ مِنْهُمْ، فَإِنَّ التَّتَارَ جُهَّالٌ يُقَلِّدُونَ الَّذِينَ يُحْسِنُونَ بِهِ الظَّنَّ، وَهُمْ لِضَلَالِهِمْ وَغَيِّهِمْ يَتَّبِعُونَهُ فِي الضَّلَالِ الَّذِي يَكْذِبُونَ بِهِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَيُبَدِّلُونَ دِينَ اللَّهِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ، وَلَوْ وَصَفْتُ مَا أَعْلَمُهُ مِنْ أُمُورِهِمْ لَطَالَ الْخِطَابُ.

وَبِالْجُمْلَةِ: فَمَذْهَبُهُمْ وَدِينُ الْإِسْلَامِ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَلَوْ أَظْهَرُوا دِينَ الْإِسْلَامِ الْحَنِيفِيِّ الَّذِي بُعِثَ الرَّسُولُ بِهِ لَاهْتَدَوْا وَأَطَاعُوا مِثْلُ الطَّائِفَةِ الْمَنْصُورَةِ. فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ» .

وَثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ ظَاهِرِينَ وَأَوَّلُ الْغَرْبِ مَا يُسَامِتُ النَّثْرَةَ وَنَحْوَهَا» .

فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ وَهُوَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ، فَمَا يَغْرُبُ عَنْهَا فَهُوَ غَرْبٌ كَالشَّامِ وَمِصْرَ وَمَا شَرَّقَ عَنْهَا فَهُوَ شَرْقٌ كَالْجَزِيرَةِ وَالْعِرَاقِ وَكَانَ السَّلَفُ يُسَمُّونَ أَهْلَ الشَّامِ أَهْلَ الْمَغْرِبِ، وَيُسَمُّونَ أَهْلَ الْعِرَاقِ أَهْلَ الْمَشْرِقِ.

وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ الَّتِي ذَكَرْتهَا فِيهَا مِنْ الْآثَارِ وَالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِيهَا مَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>