تَحَقَّقَ ذَلِكَ مِنْهَا قَتْلُهَا سِرًّا؟ وَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ غَيْرُهُ يَأْثَمُ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. الْوَاجِبُ عَلَى أَوْلَادِهَا وَعَصَبَتِهَا أَنْ يَمْنَعُوهَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ فَإِنْ لَمْ تَمْتَنِعْ إلَّا بِالْحَبْسِ حَبَسُوهَا؛ وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى الْقَيْدِ قَيَّدُوهَا، وَمَا يَنْبَغِي لِلْوَلَدِ أَنْ يَضْرِبَ أُمَّهُ. وَأَمَّا بِرُّهَا فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهَا بِرَّهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ مُقَاطَعَتُهَا بِحَيْثُ تَتَمَكَّنُ بِذَلِكَ مِنْ السُّوءِ؛ بَلْ يَمْنَعُوهَا بِحَسَبِ قُدْرَتِهِمْ. وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى رِزْقٍ وَكِسْوَةٍ رَزَقُوهَا، وَكَسَوْهَا، وَلَا يَجُوزُ لَهُمْ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَيْهَا بِقَتْلٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِمْ الْإِثْمُ فِي ذَلِكَ.
[مَسْأَلَةٌ بَلَدٍ فِيهَا جَوَارٍ سَائِبَاتٌ يَزْنُونَ مَعَ النَّصَارَى وَالْمُسْلِمِينَ]
٦٩٦ - ٥٠ - مَسْأَلَةٌ:
فِي بَلَدٍ فِيهَا جَوَارٍ سَائِبَاتٍ يَزْنُونَ مَعَ النَّصَارَى وَالْمُسْلِمِينَ؟
الْجَوَابُ: عَلَى سَيِّدِ الْأَمَةِ إذًا إنْ زَنَتْ أَنْ يُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا، ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا؛ ثُمَّ إنْ زَنَتْ فَلْيَجْلِدْهَا؛ ثُمَّ إنْ زَنَتْ فِي الرَّابِعَةِ فَلْيَبِعْهَا وَلَوْ بِظَفِيرٍ» وَالظَّفِيرُ الْحَبْلُ. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا أَمَرَهُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ عَاصِيًا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ.
وَكَانَ إصْرَارُهُ عَلَى الْمَعْصِيَةِ قَادِحًا فِي عَدَالَتِهِ. فَأَمَّا إذَا كَانَ هُوَ يُرْسِلُهَا لِتَبْغِيَ وَتُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَهْرِ الْبِغَاءِ، أَوْ يَأْخُذُ هُوَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ: فَهَذَا مِمَّنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؛ وَهُوَ فَاسِقٌ خَبِيثٌ؛ آذِنٌ فِي الْكَبِيرَةِ، وَآخِذٌ مَهْرَ الْبَغِيِّ؛ وَلَمْ يَنْهَهَا عَنْ الْفَاحِشَةِ. وَمِثْلُ هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَدَّلًا؛ بَلْ لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ الْغَلِيظَةَ حَتَّى يَصُونَ إمَاءَهُ.
وَأَقَلُّ الْعُقُوبَةِ أَنْ يُهْجَرَ فَلَا يُسَلَّمَ عَلَيْهِ، وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ إذَا أَمْكَنَتْ الصَّلَاةُ خَلْفَ غَيْرِهِ، وَلَا يُسْتَشْهَدَ وَلَا يُوَلَّى وِلَايَةً أَصْلًا. وَمَنْ اسْتَحَلَّ ذَلِكَ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ؛ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَكَانَ مُرْتَدًّا لَا تَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ. وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ عُرِّفَ ذَلِكَ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute