جَمِيعِ الْأَحْكَامِ، إلَّا مَا قَامَ فِيهِ دَلِيلٌ يُوجِبُ اخْتِصَاصَهُ بِهِ. وَأَيْضًا الصَّحِيحُ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّ شُعُورَ الْمَيْتَةِ طَاهِرَةٌ. بَلْ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّ جَمِيعَ الشُّعُورِ طَاهِرَةٌ حَتَّى شَعْرُ الْخِنْزِيرِ، وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ إذَا سَرَّحَ شَعْرَهُ وَجَمَعَ الشَّعْرَ فَلَمْ يَتْرُكْ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ. وَأَمَّا تَرْكُ شَعْرِهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَهَذَا يُكْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَجَسًا، فَإِنَّ الْمَسْجِدَ يُصَانُ حَتَّى عَنْ الْقَذَاةِ، الَّتِي تَقَعُ فِي الْعَيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ ذَبْحُ الضَّحَايَا فِي الْمَسْجِدِ]
١٣٤ - ٥٠ مَسْأَلَةٌ:
فِي الضَّحَايَا: هَلْ يَجُوزُ ذَبْحُهَا فِي الْمَسْجِدِ؟ وَهَلْ تُغْسَلُ الْمَوْتَى، وَتُدْفَنُ الْأَجِنَّةُ فِيهَا؟ وَهَلْ يَجُوزُ تَغْيِيرُ وَقْفِهَا مِنْ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ تَعُودُ عَلَيْهَا؟ وَهَلْ يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ فِي الْمَسْجِدِ، وَالْغُسْلُ؟ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ، فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُهُ، وَلَا يَأْتَمِرُ بِأَمْرِ اللَّهِ؟ وَلَا يَنْتَهِي عَمَّا نَهَى عَنْهُ؟ وَإِنْ أَفْتَاهُ عَالِمٌ سَبَّهُ. وَهَلْ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ زَجْرُهُ وَمَنْعُهُ، وَإِعَادَةُ الْوَقْفِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ؟
الْجَوَابُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُذْبَحَ فِي الْمَسْجِدِ: لَا ضَحَايَا وَلَا غَيْرُهَا، كَيْفَ وَالْمَجْزَرَةُ الْمُعَدَّةُ لِلذَّبْحِ قَدْ كُرِهَ الصَّلَاةُ فِيهَا، إمَّا كَرَاهِيَةَ تَحْرِيمٍ، وَإِمَّا كَرَاهِيَةَ تَنْزِيهٍ؛ فَكَيْفَ يُجْعَلُ الْمَسْجِدُ مُشَابِهًا لِلْمَجْزَرَةِ، وَفِي ذَلِكَ مِنْ تَلْوِيثِ الدَّمِ لِلْمَسْجِدِ مَا يَجِبُ تَنْزِيهُهُ.
وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُدْفَنَ فِي الْمَسْجِدِ مَيِّتٌ: لَا صَغِيرٌ، وَلَا كَبِيرٌ وَلَا جَنِينٌ، وَلَا غَيْرُهُ. فَإِنَّ الْمَسَاجِدَ لَا يَجُوزُ تَشْبِيهُهَا بِالْمَقَابِرِ.
وَأَمَّا تَغْيِيرُ الْوَقْفِ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ؛ فَلَا يَجُوزُ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِنْجَاءُ فِيهَا. وَأَمَّا الْوُضُوءُ فَفِي كَرَاهَتِهِ فِي الْمَسْجِدِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ مَعَهُ امْتِخَاطٌ أَوْ بُصَاقٌ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِنَّ الْبُصَاقَ فِي الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا، فَكَيْفَ بِالْمُخَاطِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute