فَفِي قَتْلِهِمْ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ وَالْمُمْسِكُ يُقْتَلُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَا مِيرَاثَ لَهُمَا. وَإِنْ كَانَ الصِّغَارُ مِنْ أَوْلَادِهِ أَعَانُوا أَيْضًا عَلَى قَتْلِهِ لَمْ يَكُنْ دَمُهُ إلَيْهِمْ، وَلَا إلَى وَلِيِّهِمْ؛ بَلْ إلَى الْإِخْوَةِ.
وَأَمَّا مِيرَاثُهُمْ مِنْ مَالِهِ فَفِيهِ نِزَاعٌ. وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ أَنَّهُمْ لَا يَرِثُونَ مِنْ مَالِهِ، وَالصِّغَارُ يُعَاقَبُونَ بِالتَّأْدِيبِ وَلَا يُقْتَلُونَ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ: الصِّغَارُ يَرِثُونَ مِنْ مَالِهِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ تَضَارَبَا وَتَخَانَقَا فَوَقَعَ أَحَدُهُمَا فَمَاتَ]
٦٥٥ - ٩ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلَيْنِ تَضَارَبَا وَتَخَانَقَا، فَوَقَعَ أَحَدُهُمَا فَمَاتَ: فَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. إذَا خَنَقَهُ الْخَنْقَ الَّذِي يَمُوتُ بِهِ الْمَرْءُ غَالِبًا وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَيْهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ: كَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ هَذَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ بِغَيْرِ حُجَّةٍ. فَأَمَّا إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا قَدْ غُشِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخَنْقِ، وَرَفَسَهُ الْآخَرُ بِرِجْلِهِ حَتَّى خَرَجَ مِنْ فَمِهِ شَيْءٌ فَمَاتَ: فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ بِلَا رَيْبٍ، فَإِنَّ هَذَا قَاتِلٌ نَفْسًا عَمْدًا؛ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَوَدُ؛ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ يُكَافِئُهُ بِأَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا، فَيُسَلَّمُ إلَى وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ إنْ شَاءُوا أَنْ يَقْتُلُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءُوا أَخَذُوا الدِّيَةَ.
[مَسْأَلَةٌ تَخَاصَمَا وَتَقَابَضَا فَقَامَ وَاحِد وَنَطَحَ الْآخِر فِي أَنْفِهِ فَجَرَى دَمُهُ]
٦٥٦ - ١٠ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلَيْنِ تَخَاصَمَا وَتَقَابَضَا فَقَامَ وَاحِدٌ وَنَطَحَ الْآخَرَ فِي أَنْفِهِ، فَجَرَى دَمُهُ، فَقَامَ الَّذِي جَرَى دَمُهُ خَنَقَهُ وَرَفَسَهُ بِرِجْلِهِ فِي مَخَاصِيهِ فَوَقَعَ مَيِّتًا؟
الْجَوَابُ: يَجِبُ الْقَوَدُ عَلَى الْخَانِقِ الَّذِي رَفَسَ الْآخَرَ فِي أُنْثَيَيْهِ؛ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ قَدْ يَقْتُلُ غَالِبًا؛ فَإِنَّ مَوْتَهُ بِهَذَا الْفِعْلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ بِهِ مَا يَقْتُلُ غَالِبًا؛ وَالْفِعْلُ الَّذِي يَقْتُلُ غَالِبًا يَجِبُ بِهِ الْقَوَدُ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَصَاحِبَيْ أَبِي حَنِيفَةَ: مِثْلُ مَا لَوْ ضَرَبَهُ فِي أُنْثَيَيْهِ حَتَّى مَاتَ فَيَجِبُ الْقَوَدُ، وَلَوْ خَنَقَهُ حَتَّى مَاتَ وَجَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute