وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ إذَا تَزَوَّجَ بِدُونِ إذْنِ مَوَالِيه فَهُوَ عَلَى هَذَا النِّزَاعِ.
وَأَمَّا الْكَفَاءَةُ فِي النَّسَبِ فَالنَّسَبُ مُعْتَبَرٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَمَّا، عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، فَهِيَ حَقٌّ لِلزَّوْجَةِ وَالْأَبَوَيْنِ، فَإِذَا رَضَوْا بِدُونِ كُفُؤٍ جَازَ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ هِيَ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا يَصْلُحُ النِّكَاحُ مَعَ فِرَاقِهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ الْمَرْأَة الَّتِي يُعْتَبَرُ إذْنُهَا فِي الزَّوَاجِ شَرْعًا]
٤٢٧ - ٢٩ - مَسْأَلَةٌ:
فِي الْمَرْأَةِ الَّتِي يُعْتَبَرُ إذْنُهَا فِي الزَّوَاجِ شَرْعًا، هَلْ يُشْتَرَطُ الْإِشْهَادُ عَلَيْهَا بِإِذْنِهَا لِوَلِيِّهَا أَمْ لَا؟ وَإِذَا قَالَ الْوَلِيُّ: إنَّهَا أَذِنَتْ لِي فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ هَذَا الشَّخْصِ، فَهَلْ لِلْعَاقِدِ أَنْ يَعْتَقِدَ بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْوَلِيِّ أَمْ قَوْلِهَا؟ وَكَيْفِيَّةُ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، الْإِشْهَادُ عَلَى إذْنِهَا لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا فِيهِ خِلَافٌ شَاذٌّ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، فَإِنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ، وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبَيْنِ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ إنَّ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ، فَلَوْ قَالَ الْوَلِيُّ: أَذِنَتْ لِي فِي الْعَقْدِ، فَعَقَدَ الْعَقْدَ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْعَقْدِ، ثُمَّ صَدَّقَتْهُ الزَّوْجَةُ عَلَى الْإِذْنِ، كَانَ النِّكَاحُ ثَابِتًا صَحِيحًا، بَاطِنًا وَظَاهِرًا. إنْ أَنْكَرَتْ الْإِذْنَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا وَلَمْ يَثْبُتْ النِّكَاحُ، وَدَعْوَاهُ الْإِذْنَ عَلَيْهَا كَمَا لَوْ ادَّعَى النِّكَاحَ بَعْدَ مَوْتِ الشُّهُودِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي لِشُهُودِ النِّكَاحِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى إذْنِ الزَّوْجَةِ قَبْلَ الْعَقْدِ لِوُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ ذَلِكَ عَقْدٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، وَمَهْمَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ مُتَّفَقًا عَلَى صِحَّتِهِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْدَلَ عَنْهُ إلَى مَا فِيهِ خِلَافٌ وَإِنْ كَانَ مَرْجُوحًا، إلَّا لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ.
الْوَجْهُ الثَّانِي:
أَنَّ ذَلِكَ مَعُونَةٌ عَلَى تَحْصِيلِ مَقْصُودِ الْعَقْدِ، وَأَمَانٌ مِنْ جُحُودِهِ، لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ الَّذِي يَكْثُرُ فِيهِ جَحْدُ النِّسَاءِ وَكَذِبُهُنَّ، فَإِنَّ تَرْكَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهَا كَثِيرًا مَا يُفْضِي إلَى خِلَافِ ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّهُ يُفْضِي إلَى أَنْ تَكُونَ زَوْجَةً فِي الْبَاطِنِ دُونَ الظَّاهِرِ، وَفِي ذَلِكَ مَفَاسِدُ مُتَعَدِّدَةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute