وَالدَّبَابِيسِ؛ وَرَمَوْهُ فِي الْبَحْرِ: فَهَلْ الْقِصَاصُ عَلَيْهِمْ جَمِيعِهِمْ، أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: إذَا اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِ مَعْصُومٍ بِحَيْثُ إنَّهُمْ جَمِيعَهُمْ بَاشَرُوا قَتْلَهُ وَجَبَ الْقَوَدُ عَلَيْهِمْ جَمِيعِهِمْ؛ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ بَاشَرَ وَبَعْضُهُمْ قَائِمٌ يَحْرُسُ الْمُبَاشِرَ، وَيُعَاوِنُهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ الْقَوَدُ إلَّا عَلَى الْمُبَاشِرِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، بِحَيْثُ إنَّهُ لَا بُدَّ فِي فِعْلِ كُلِّ شَخْصٍ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَالِحًا لِلزُّهُوقِ.
وَالثَّانِي: يَجِبُ عَلَى الْجَمِيعِ؛ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ. وَإِنْ قَتَلَهُ لِغَرَضٍ خَاصٍّ: مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ، أَوْ خُصُومَةٌ، أَوْ يَكْرَهُونَهُ عَلَى فِعْلٍ لَا يُبِيحُ قَتْلَهُ: فَهُنَا الْقَوَدُ لِوَارِثِهِ: إنْ شَاءَ قَتَلَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الدِّيَةَ. وَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ صَغِيرًا لَمْ يَبْلُغْ فَلِمَنْ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّهُ، وَالْحَاكِمُ نَائِبُهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ كَمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي لَا حَتَّى يَبْلُغَ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى.
[مَسْأَلَةٌ فِيمَنْ اتَّفَقَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْلَادُهُ وَجِوَارُهُ وَرَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ]
٦٥٤ - ٨ - مَسْأَلَةٌ:
فِيمَنْ اتَّفَقَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْلَادُهُ، وَجِوَارُهُ، وَرَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ: فَمَا حُكْمُ اللَّهِ فِيهِمْ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا اشْتَرَكُوا فِي قَتْلِهِ جَازَ قَتْلُهُمْ جَمِيعِهِمْ، وَالْأَمْرُ فِي ذَلِكَ لَيْسَ لِلْمُشَارِكِينَ فِي قَتْلِهِ؛ بَلْ لِغَيْرِهِمْ مِنْ وَرَثَتِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ كَانُوا هُمْ أَوْلِيَاءَهُ؛ وَكَانُوا أَيْضًا هُمْ الْوَارِثِينَ لِمَالِهِ؛ فَإِنَّ الْقَاتِلَ لَا يَرِثُ الْمَقْتُولَ. وَلَيْسَ لِلسُّلْطَانِ حَقٌّ لَا فِي دَمِهِ، وَلَا فِي مَالِهِ؛ بَلْ الْإِخْوَةُ لَهُمْ الْخِيَارُ: إنْ شَاءُوا قَتَلُوا جَمِيعَ الْمُشْتَرِكِينَ فِي قَتْلِهِ الْبَالِغَ مِنْهُمْ، وَإِنْ شَاءُوا قَتَلُوا بَعْضَهُمْ. وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ. وَأَمَّا الْمُبَاشِرُونَ لِقَتْلِهِ فَيَجُوزُ قَتْلُهُمْ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ.
وَأَمَّا الَّذِينَ أَعَانُوا بِمِثْلِ إدْخَالِ الرَّجُلِ إلَى الْبَيْتِ، وَحِفْظِ الْأَبْوَابِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute