الْفُرْجَةِ مُسْتَحَبٌّ وَالِاصْطِفَافُ وَاجِبٌ، وَإِذَا رَكَعَ دُونَ الصَّفِّ، ثُمَّ دَخَلَ الصَّفَّ بَعْدَ اعْتِدَالِ الْإِمَامِ كَانَ ذَلِكَ سَائِغًا، وَمَنْ أَخَّرَ الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ مَعَ إمْكَانِهِ حَتَّى قَضَى الْقِيَامَ، أَوْ كَانَ الْقِيَامُ مُتَّسَعًا لِقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَلَمْ يَقْرَأْهَا؛ فَهَذَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ عِنْدَ جَمَاهِيرِ الْعُلَمَاءِ، وَأَمَّا الشَّافِعِيُّ فَعَلَيْهِ عِنْدَهُ أَنْ يَقْرَأَ، وَإِنْ تَخَلَّفَ عَنْ الرُّكُوعِ، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ قِرَاءَتُهَا عِنْدَهُ عَنْ الْمَسْبُوقِ خَاصَّةً، فَهَذَا الرَّجُلُ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَرْكَعَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَا يُتِمُّ الْقِرَاءَةَ لِأَنَّهُ مَسْبُوقٌ، وَالْمَرْأَةُ إذَا كَانَ مَعَهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى تُصَافِفُهَا كَانَ مِنْ حَقِّهَا أَنْ تَقِفَ مَعَهَا وَكَانَ حُكْمُهَا إنْ لَمْ تَقِفْ مَعَهَا حُكْمُ الرَّجُلِ الْمُنْفَرِدِ عَنْ صَفِّ الرِّجَالِ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَحَيْثُ صَحَّتْ الصَّلَاةُ عَنْ يَسَارِ الْإِمَامِ كُرِهَتْ إلَّا لِعُذْرٍ.
وَالْمَأْمُومُ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِمَامِ مَا يَمْنَعُ الرُّؤْيَةَ وَالِاسْتِطْرَاقَ صَحَّتْ صَلَاتُهُ، إذَا كَانَتْ لِعُذْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، بَلْ نَصُّ أَحْمَدُ وَغَيْرِهِ.
وَيُنْشَأُ مَسْجِدٌ إلَى جَنْبِ آخَرَ، إذَا كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ، وَلَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ، فَإِنْ قَصَدَ الضَّرَرَ أَوْ لَا حَاجَةَ فَلَا يُنْشَأُ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، نَقَلَهَا عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى، وَيَجِبُ هَدْمُهُ، وَقَالَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ فِيمَا بَنَى بِجِوَارِ جَامِعِ بَنِي أُمَيَّةَ.
وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ حُضُورَ الْمَسْجِدِ إلَّا لِعُذْرٍ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَنُ وَالْآثَارُ، وَنَهَى عَنْ اتِّخَاذِهِ بَيْتًا مَقِيلًا، قَالَهُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَارِثٍ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ النِّسَاءِ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدِ فِي زَمَانِنَا قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا. انْتَهَى.
وَبِهَذَا يُعْلَمُ سَائِرُ الصَّلَوَاتِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[بَابُ صَلَاةِ أَهْلِ الْأَعْذَارِ]
مَتَى عَجَزَ الْمَرِيضُ عَنْ الْإِيمَاءِ بِرَأْسِهِ سَقَطَتْ عَنْهُ الصَّلَاةُ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِيمَاءُ بِطَرَفِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَيُكْرَهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ قَالَ أَحْمَدُ: لَا يُعْجِبُنِي، وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ إذَا صَلَّى أَرْبَعًا أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي الْإِجْزَاءِ، وَتَوَقُّفُهُ عَنْ الْقَوْلِ بِالْإِجْزَاءِ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَخْرُجُ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ الصَّحَابَةِ كَانَ يُتِمُّ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي السَّفَرِ.
وَحَدِيثُ عَائِشَةَ فِي مُخَالَفَةِ ذَلِكَ لَا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، وَيَجُوزُ قَصْرُ الصَّلَاةِ فِي كُلِّ مَا يُسَمَّى سَفَرًا سَوَاءٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَلَا يَتَقَدَّرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute