للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَعَدِّدَةٍ. وَقَدْ بَسَطْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ أَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ. وَيَجُوزُ لِلْمُنْزَلِينَ أَنْ يُصَلُّوا فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَلَا يُصَلُّوهَا فِي الْمَدْرَسَةِ. وَيَسْتَحِقُّونَ مَعَ ذَلِكَ مَا قُدِّرَ لَهُمْ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ لَهُمْ مِنْ أَنْ يُصَلُّوا فِي الْمَدْرَسَةِ، وَالِامْتِنَاعُ مِنْ أَدَاءِ الْفَرْضِ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، لِأَجْلِ حِلِّ الْجَارِي وَرَعٌ فَاسِدٌ، يَمْنَعُ صَاحِبَهُ الثَّوَابَ الْعَظِيمَ فِي الصَّلَاةِ فِي الْمَسْجِدِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ وَاقِفٍ وَقَفَ رِبَاطًا عَلَى الصُّوفِيَّةِ]

٨٦١ - ٢٠ مَسْأَلَةٌ:

فِي وَاقِفٍ وَقَفَ رِبَاطًا عَلَى الصُّوفِيَّةِ، وَكَانَ هَذَا الرِّبَاطُ قَدِيمًا جَارِيًا عَلَى قَاعِدَةِ الصُّوفِيَّةِ فِي الرُّبُطِ: مِنْ الطَّعَامِ، وَالِاجْتِمَاعِ بَعْدَ الْعَصْرِ فَقَطْ؟ فَتَوَلَّى نَظَرَهُ شَخْصٌ، فَاجْتَهَدَ فِي تَبْطِيلِ قَاعِدَتِهِ، وَشَرَطَ عَلَى مَنْ بِهِ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي الرِّبَاطِ أَصْلًا، ثُمَّ إنَّهُمْ يُصَلُّونَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي هَذَا الرِّبَاطِ، وَيَقْرَءُونَ بَعْدَ الصُّبْحِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ، حَتَّى أَنَّ أَحَدَهُمْ إذَا غَابَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ قِرَاءَةٍ كُتِبَ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ، مَعَ أَنَّ هَذَا الرِّبَاطَ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ كِتَابُ وَقْفٍ؛ وَلَا شَرْطٌ. فَهَلْ يَجُوزُ إحْدَاثُ هَذِهِ الشُّرُوطِ عَلَيْهِمْ؟ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَأْثَمُ مَنْ أَحْدَثَهَا أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَحِلُّ لِلنَّاظِرِ الْآنَ أَنْ يَكْتُبَ عَلَيْهِمْ غَيْبَةً أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَجِبُ إبْطَالُ هَذِهِ الشُّرُوطِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُثَابُ وَلِيُّ الْأَمْرِ إذَا أَبْطَلَهَا، أَمْ لَا؟ وَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ قَدْ شَرَطَهَا الْوَاقِفُ: هَلْ يَجِبُ الْوَفَاءُ بِهَا أَمْ لَا؟ وَمَا الصُّوَرُ فِي الَّذِي يَسْتَحِقُّ ذَلِكَ؟ وَهَلْ إذَا كَانَ فِي الْجَمَاعَةِ مَنْ هُوَ مُشْتَغِلٌ بِالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ يَكُونُ أَوْلَى مِمَّنْ هُوَ مُتَرَسِّمٌ بِرَسْمٍ ظَاهِرٍ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ؟ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَأَدِّبًا بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُ تَنَاوُلُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. أَمْ لَا؟ وَإِذَا كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مُشْتَغِلٌ بِالْعِلْمِ الشَّرِيفِ. وَلَهُ مِنْ الدُّنْيَا مَا لَا يَقُومُ بِبَعْضِ كِفَايَتِهِ، هَلْ يَكُونُ أَوْلَى مِمَّنْ لَيْسَ مُتَأَدِّبًا بِالْآدَابِ الشَّرْعِيَّةِ. وَلَا عِنْدَهُ شَيْءٌ مِنْ الْعِلْمِ؟ أَفْتُونَا مَأْجُورِينَ. وَبَيِّنُوا لَنَا ذَلِكَ بَيَانًا شَافِيًا، بِالدَّلِيلِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكُمْ.

الْجَوَابُ: - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ إحْدَاثُ هَذِهِ الشُّرُوطِ وَلَا غَيْرِهَا، فَإِنَّ النَّاظِرَ إنَّمَا هُوَ مُنَفِّذٌ لِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ. لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ شُرُوطًا لَمْ يُوجِبْهَا الْوَاقِفُ، وَلَا أَوْجَبَهَا الشَّارِعُ، وَيَأْثَمُ مَنْ أَحْدَثَهَا فَإِنَّهُ مَنَعَ الْمُسْتَحِقِّينَ حَقَّهُمْ حَتَّى يَعْمَلُوا أَعْمَالًا لَا تَجِبُ. وَلَا يَحِلُّ أَنْ يَكْتُبَ عَلَى مَنْ أَخَلَّ بِذَلِكَ غَيْبَةً؛ بَلْ يَجِبُ إبْطَالُ هَذِهِ الشُّرُوطِ. وَيُثَابُ السَّاعِي فِي إبْطَالِهَا مُبْتَغِيًا بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>