يُسْتَحَبُّ صَوْمُهُ وَمَنْ تَجَدَّدَ لَهُ صَوْمٌ بِسَبَبٍ كَمَا إذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ فَإِنَّهُ يُتِمُّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاءٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَكَلَ.
وَالْمَرِيضُ إذَا خَافَ الضَّرَرَ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْفِطْرُ وَالْمُسَافِرُ الْأَفْضَلُ لَهُ الْفِطْرُ فَإِنْ أَضْعَفَهُ عَنْ الْجِهَادِ كُرِهَ لَهُ بَلْ يَجِبُ مَنْعُهُ عَنْ وَاجِبٍ وَأَفْتَى أَبُو الْعَبَّاسِ لَمَّا نَزَلَ الْعَدُوُّ دِمَشْقَ فِي رَمَضَانَ بِالْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ لِلتَّقَوِّي عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ وَفَعَلَهُ وَقَالَ هُوَ أَوْلَى لِلسَّفَرِ.
وَيَصِحُّ صَوْمُ الْجُنُبِ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ وَإِذَا نَوَى الْمُسَافِرُ الْإِقَامَةَ فِي بَلَدٍ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَلَهُ الْفِطْرُ وَإِذَا نَوَى صِيَامَ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَفِي ثَوَابِهِ رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ وَالْأَظْهَرُ الثَّوَابُ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ الصَّوْمَ وَلَكِنْ إذَا اشْتَهَى الْأَكْلَ وَاسْتَمَرَّ بِهِ الْجُوعُ فَهَذَا يَكُونُ جُوعُهُ مِنْ بَابِ الْمَصَائِبِ الَّتِي تُكَفَّرُ بِهَا خَطَايَاهُ وَيُثَابُ عَلَى صَبْرِهِ عَلَيْهَا وَلَا يَكُونُ مِنْ بَابِ الصَّوْمِ الَّذِي هُوَ عِبَادَةٌ يُثَابُ عَلَيْهَا ثَوَابُ الصَّوْمِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
[فَصْلٌ لَا يُفْطِرُ الصَّائِمُ بِالِاكْتِحَالِ]
فَصْلٌ وَلَا يُفْطِرُ الصَّائِمُ بِالِاكْتِحَالِ وَالْحُقْنَةِ وَمَا يُقَطَّرُ فِي إحْلِيلِهِ وَمُدَاوَاةُ الْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَيُفْطِرُ بِإِخْرَاجِ الدَّمِ بِالْحِجَامَةِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَبِالْفَصْدِ وَالتَّشْرِيطِ وَهُوَ وَجْهٌ لَنَا أَوْ بِإِرْعَافِ نَفْسِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَيُفْطِرُ الْحَاجِمُ إنْ مَصَّ الْقَارُورَةَ وَلَا يُفْطِرُ بِمَذْيٍ بِسَبَبِ قُبْلَةٍ أَوْ لَمْسٍ أَوْ تَكْرَارِ نَظَرٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا وَأَمَّا إذَا ذَاقَ طَعَامًا وَلَفَظَهُ أَوْ وَضَعَ فِي فِيهِ عَسَلًا وَمَجَّهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِلْحَاجَةِ كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَالْكَذِبِ وَالْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ إذَا وُجِدَتْ مِنْ الصَّائِمِ فَمَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ أَنَّهُ لَا يُفْطِرُ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَى الْفِطْرِ كَمَا يُعَاقَبُ مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ ذَكَرَ «رُبَّ صَائِمٍ حَظُّهُ مِنْ الصَّوْمِ الْجُوعُ وَالْعَطَشُ» لِمَا حَصَلَ مِنْ الْإِثْمِ الْمُقَاوِمِ لِلصَّوْمِ وَهَذَا أَيْضًا لَا تَنَازُعَ فِيهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ وَمَنْ قَالَ: إنَّهَا تُفَطِّرُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُ الصَّوْمِ أَوْ أَنَّهَا قَدْ تَذْهَبُ بِأَجْرِ الصَّوْمِ فَقَوْلُهُ يُوَافِقُ قَوْلَ الْأَئِمَّةِ وَمَنْ قَالَ إنَّهَا تُفَطِّرُ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِ الصِّيَامِ فَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الْأَئِمَّةِ.
وَإِذَا شُتِمَ الصَّائِمُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُجِيبَ بِقَوْلِهِ: إنِّي صَائِمٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّوْمُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا وَهُوَ أَحَدُ الْوُجُوهِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَشَمُّ الرَّوَائِحِ الطَّيِّبَةِ لَا بَأْسَ بِهِ لِلصَّائِمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute