الْوَجْهُ الثَّالِثُ: إنَّ الْوَلِيَّ قَدْ يَكُونُ كَاذِبًا فِي دَعْوَى الِاسْتِئْذَانِ، وَأَنْ يَحْتَالَ بِذَلِكَ عَلَى أَنْ يَشْهَدَ أَنَّهُ قَدْ زَوَّجَهَا، وَأَنْ يَظُنَّ الْجُهَّالُ أَنَّ النِّكَاحَ يَصِحُّ بِدُونِ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَقْدُ الْعَامَّةِ أَنَّهَا إذَا زُوِّجَتْ عِنْدَ الْحَاكِمِ صَارَتْ زَوْجَةً، فَيُفْضِي إلَى مَهْرِهَا وَجَعْلِهَا زَوْجَةً بِدُونِ رِضَاهَا، وَأَمَّا الْعَاقِدُ الَّذِي هُوَ نَائِبُ الْحَاكِمِ إذَا كَانَ هُوَ الْمُزَوِّجَ لَهَا بِطَرِيقِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا لَا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ لِلْوَلِيِّ، فَلَا يُزَوِّجُهَا حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهَا قَدْ أَذِنَتْ، وَذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ شَاهِدًا عَلَى الْعَقْدِ، وَإِنْ زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ بِدُونِ إذْنِهَا فَهُوَ نِكَاحُ الْفُضُولِيِّ، وَهُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إذْنِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ.
[مَسْأَلَةٌ مَرِيض تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ]
٤٢٨ - ٣٠ - مَسْأَلَةٌ:
فِي مَرِيضٍ تَزَوَّجَ فِي مَرَضِهِ، فَهَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ؟
الْجَوَابُ: نِكَاحُ الْمَرِيضِ صَحِيحٌ، تَرِثُ الْمَرْأَةُ فِي قَوْلِ جَمَاهِيرِ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَلَا تَسْتَحِقُّ إلَّا مَهْرَ الْمِثْلِ، لَا تَسْتَحِقُّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ بِالِاتِّفَاقِ.
[مَسْأَلَةٌ خَطَبَ امْرَأَةً حُرَّةً لَهَا وَلِيٌّ غَيْرُ الْحَاكِمِ]
٤٢٩ - ٣١ - مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ خَطَبَ امْرَأَةً حُرَّةً، لَهَا وَلِيٌّ غَيْرُ الْحَاكِمِ، فَجَاءَ بِشُهُودٍ وَهُوَ يَعْلَمُ فِسْقَ الشُّهُودِ، لَكِنْ لَوْ شَهِدُوا عِنْدَ الْحَاكِمِ قِبَلَهُمْ، فَهَلْ يَصِحُّ نِكَاحُ الْمَرْأَةِ بِشَهَادَتِهِمْ؟ وَإِذَا صَحَّ هَلْ يُكْرَهُ؟
الْجَوَابُ: نَعَمْ: يَصِحُّ النِّكَاحُ، وَالْحَالُ هَذِهِ، وَإِنَّ الْعَدَالَةَ الْمُشْتَرَطَةَ فِي شَاهِدَيْ النِّكَاحِ إنَّمَا هِيَ أَنْ يَكُونَا مَسْتُورَيْنِ غَيْرَ ظَاهِرَيْ الْفِسْقِ، وَإِذَا كَانَا فِي الْبَاطِنِ فَاسِقَيْنِ، وَذَلِكَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ ظَاهِرُهُمَا السَّتْرُ، انْعَقَدَ النِّكَاحُ بِهِمَا فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا، إذْ لَوْ اُعْتُبِرَ فِي شَاهِدَيْ النِّكَاحِ أَنْ يَكُونَا مُعَدَّلَيْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لَمَا صَحَّ نِكَاحُ أَكْثَرِ النَّاسِ إلَّا بِذَلِكَ.
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ النَّاسَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ كَانُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute