للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِضِيَافَةٍ أَوْ جُعْلٍ، فَإِنَّ هَذَا مِنْ أَسْبَابِ الْفَسَادِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ تَبَرَّعَ وَفَرَضَ لِأُمِّهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ]

٨٠٤ - ٢٦ - مَسْأَلَةٌ:

فِي رَجُلٍ تَبَرَّعَ وَفَرَضَ لِأُمِّهِ عَلَى نَفْسِهِ وَهِيَ صَحِيحَةٌ عَاقِلَةٌ فِي كُلِّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ، وَأَذِنَ لَهَا أَنْ تَسْتَدِينَ وَتُنْفِقَ عَلَيْهَا وَتَرْجِعَ عَلَيْهِ، وَبَقِيَتْ مُقِيمَةً عِنْدَهُ مُدَّةً وَلَمْ تَسْتَدِنْ لَهَا نَفَقَةً ثُمَّ تُوُفِّيَتْ، وَلَمْ تَتْرُكْ عَلَيْهَا دَيْنًا، وَخَلَّفَتْ مِنْ الْوَرَثَةِ ابْنَهَا هَذَا وَبِنْتَيْنِ، ثُمَّ تُوُفِّيَ ابْنُهَا بَعْدَهَا، فَهَلْ يَصِيرُ مَا فَرَضَ عَلَى نَفْسِهِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَيُقْسَمُ عَلَى وَرَثَتِهَا أَمْ لَا؟ وَهَلْ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ مَعَ قَوْلِكُمْ النَّفَقَةُ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ هَلْ يَنْفُذُ حُكْمُهُ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَجِبُ اسْتِرْجَاعُ مَا أَخَذَ وَرَثَتُهَا مِنْ تَرِكَةِ وَلَدِهَا بِهَذَا الْوَجْهِ أَمْ لَا؟

الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَيْسَ ذَاكَ دَيْنًا لَهَا فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا يُقْضَى مِنْ تَرِكَتِهِ، وَالْمُسْتَحِقَّةُ وَرَثَتهَا وَمَا عَلِمْت أَنَّ أَحَدًا مِنْ الْعُلَمَاءِ قَالَ إنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ لِمَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ، إلَّا إذَا كَانَ قَدْ اسْتَدَانَ عَلَيْهِ النَّفَقَةَ بِإِذْنِ حَاكِمٍ أَوْ أَنْفَقَ بِغَيْرِ إذْنِ حَاكِمٍ غَيْرِ مُتَبَرِّعٍ، وَطَلَبَ الرُّجُوعَ بِمَا أَنْفَقَ، فَهَذَا فِي رُجُوعِهِ خِلَافٌ.

فَأَمَّا اسْتِقْرَارُهَا فِي الذِّمَّةِ بِمُجَرَّدِ الْفَرْضِ، إمَّا بِإِنْفَاقِ مُتَبَرِّعٍ أَوْ بِكَسْبِهِ، كَمَا يُقَالُ مِثْلُهُ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ فَمَا عَلِمْت لَهُ قَائِلًا، فَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ لَمْ يَلْزَمْ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَلِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ بِغَيْرِ حَقٍّ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَخَذَهُ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ: تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَإِنْ قَضَى بِهَا الْقَاضِي، إلَّا أَنْ يَأْذَنَ الْقَاضِي فِي الِاسْتِدَانَةِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةً عَامَّةً فَصَارَ كَإِذْنِ الْغَائِبِ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي هَلْ يَصِيرُ بِهِ دَيْنًا، رِوَايَتَيْنِ: لَكِنْ حَمَلُوا رِوَايَةَ الْوُجُوبِ عَلَى مَا إذَا أَمَرَ بِالِاسْتِدَانَةِ وَالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ، وَيَرْجِعُ بِذَلِكَ.

وَكَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ مُوسِرًا وَتَمَرَّدَ وَامْتَنَعَ عَنْ الْإِنْفَاقِ فَطَلَبَتْ الْمَرْأَةُ أَنْ يَأْمُرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ فَأَمَرَهَا الْقَاضِي بِذَلِكَ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَمْرَ الْقَاضِي كَأَمْرِهِ، وَلَوْ قَضَى الْقَاضِي لَهَا بِالنَّفَقَةِ فَأَمَرَهَا بِالِاسْتِدَانَةِ عَلَى الزَّوْجِ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَقُّهَا فِي النَّفَقَةِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَسْقُطُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، فَكَانَتْ فَائِدَةُ الْأَمْرِ بِالِاسْتِدَانَةِ لِتَأْكِيدِ حَقِّهَا فِي النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِي مَأْمُورٌ بِإِيصَالِ الْحَقِّ إلَى الْمُسْتَحِقِّ، وَهَذِهِ طَرِيقَةٌ لَكِنْ لَوْ أَمَرَ الْقَرِيبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>