[فَصْلٌ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي الْبَيْعِ]
فَصْلٌ وَيَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ فِي الْبَيْعِ، وَيَثْبُتُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي كُلِّ الْعُقُودِ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، فَإِنْ أَطْلَقَا الْخِيَارَ وَلَمْ يُوَقِّتَاهُ بِمُدَّةٍ تَوَجَّهَ أَنْ يَثْبُتَ ثَلَاثًا لِخَبَرِ حِبَّانَ بْنِ مُنْقِذٍ.
وَلِلْبَائِعِ الْفَسْخُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إذَا رَدَّ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَلَا، وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ وَكَذَا التَّمَلُّكَاتُ الْقَهْرِيَّةُ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ كَالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَأَخْذِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ مِنْ الْمُسْتَعِيرِ وَالْمُسْتَأْجِرِ، وَالزَّرْعِ مِنْ الْغَاصِبِ، وَيَثْبُتُ خِيَارُ الْغَبْنِ الْمُسْتَرْسَلِ إلَى الْبَائِعِ لَمْ يُمَاكِسْهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَإِنْ عَلَّقَ عِتْقَ عَبْدِهِ بِبَيْعِهِ وَكَانَ قَصْدُهُ بِالتَّعْلِيقِ الْيَمِينَ دُونَ التَّبَرُّرِ بِعِتْقِهِ أَجْزَأَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَرُّبَ كَانَ عِتْقُهُ مُسْتَحَقًّا كَالنَّذْرِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ، وَيَكُونُ الْعِتْقُ مُطْلَقًا عَلَى صُورَةِ الْبَيْعِ.
وَطَرَدَ أَبُو الْعَبَّاسِ قَوْلَهُ: هَذَا فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ عَلَى الْفَسْخِ وَالْخُلْعِ، فَجَعَلَهُ مُعَلَّقًا عَلَى صُورَةِ الْفَسْخِ وَالْخُلْعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا يَمْتَنِعُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ مَعَهُ، عَلَى رَأْيِ ابْنِ حَامِدٍ، حَيْثُ أَوْقَعَهُ مَعَ الْبَيْنُونَةِ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، فَكَذَا بِالْفَسْخِ، وَيَحْرُمُ كَتْمُ الْعَيْبِ فِي السِّلْعَةِ. وَكَذَا لَوْ أَعْلَمَهُ بِهِ وَلَمْ يُعْلِمْهُ قَدْرَ عَيْبِهِ وَيَجُوزُ عِقَابُهُ بِإِتْلَافِهِ أَوْ التَّصَدُّقِ بِهِ، وَقَدْ أَفْتَى بِهِ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَيَحْرُمُ تَغْرِيرُ مُشْتَرٍ بِأَنْ يَسُومَهُ كَثِيرًا لِيَبْذُلَ قَرِيبًا مِنْهُ.
وَالنَّمَاءُ الْمُتَّصِلُ فِي الْأَعْيَانِ الْمَمْلُوكَةِ الْعَائِدَةِ إلَى مَنْ انْتَقَلَ الْمِلْكُ عَنْهُ لَا يَتْبَعُ الْأَعْيَانَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ، حَيْثُ قَالَ إذَا اشْتَرَى غَنَمًا فَنَمَتْ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَالنَّمَاءُ لَهُ، وَهَذَا يَعُمُّ الْمُتَّصِلَ وَالْمُنْفَصِلَ، وَإِذَا اشْتَرَى شَيْئًا فَظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ عَلَى عَيْبٍ فَلَهُ أَرْشُهُ إنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ.
وَكَذَا فِي نَظَائِرِهِ كَالصَّفْقَةِ إذَا تَفَرَّقَتْ، وَالْمَذْهَبُ يُخَيِّرُ الْمُشْتَرِيَ بَيْنَ الرَّدِّ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَإِمْسَاكِهِ وَأَخْذِ الْأَرْشِ، فَعَلَيْهِ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى الرَّدِّ وَأَخْذِ الْأَرْشِ لِتَضَرُّرِ الْبَائِعِ بِالتَّأْخِيرِ، وَإِذَا أَبَقَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَكَانَتْ مَعْرُوفَةً بِذَلِكَ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَكَتَمَهُ الْبَائِعُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ فِي الْأَصَحِّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute