للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مَلِكٍ مُسْلِمٍ يُجَاهِدُهُمْ حَتَّى يُسْلِمُوا أَوْ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ كَأَهْلِ الْمَغْرِبِ وَالْيَمَنِ لَمَّا لَمْ يُعَامِلُوا أَهْلَ مِصْرَ وَالشَّامِ مُعَامَلَةَ أَهْلِ الْعَهْدِ جَازَ لِأَهْلِ مِصْرَ وَالشَّامِ غَزْوُهُمْ وَاسْتِبَاحَةُ دَمِهِمْ وَمَالِهِمْ لِأَنَّ أَبَا جَنْدَلٍ وَأَبَا نُصَيْرٍ حَارَبَا أَهْلَ مَكَّةَ مَعَ أَنَّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَهْدًا، وَهَذَا بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ لِأَنَّ الْعَهْدَ وَالذِّمَّةَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَالسَّبْيُ الْمُشْتَبَهُ يَحْرُمُ اسْتِرْقَاقَهُ وَمَنْ كَسَبَ شَيْئًا فَادَّعَاهُ رَجُلٌ وَأَخَذَهُ فَعَلَى الْأَخِذِ لِلْمَأْخُوذِ مِنْهُ مَا غَرِمَهُ عَلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا إنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ مِلْكُ الْغَيْرِ أَوْ عَرَفَ وَأَنْفَقَ غَيْرَ مُتَبَرِّعٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَأَخْذِ الْجِزْيَةِ]

ِ وَالْكِتَابَةُ الَّذِي بِأَيْدِي الْخَيَابِرَةِ الَّذِينَ يَدَّعُونَ أَنَّهُ بِخَطِّ عَلِيٍّ فِي إسْقَاطِ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ بَاطِلٌ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ كَأَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ شُرَيْحٍ وَالْقَاضِي ابْن يَعْلَى وَالْقَاضِي الْمَاوَرْدِيِّ وَذَكَرَ أَنَّهُ إجْمَاعٌ وَصَدَقَ فِي ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: ثُمَّ إنَّهُ عَامُ إحْدَى وَسَبْعِمِائَةٍ جَاءَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ يَهُودِ دِمَشْقَ بِعُهُودٍ فِي كُلِّهَا أَنَّهُ بِخَطِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي إسْقَاطِهِ الْجِزْيَةَ عَنْهُمْ وَقَدْ لَبَّسُوهَا مَا يَقْتَضِي تَعْظِيمَهَا وَكَانَتْ قَدْ نَفَقَتْ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ فِي مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ فَأُسْقِطَتْ عَنْهُمْ الْجِزْيَةُ بِسَبَبِهَا وَبِيَدِهِمْ تَوَاضُعُ وُلَاةِ الْأُمُورِ فَلَمَّا وَقَفْت عَلَيْهَا تَبَيَّنَ لِي فِي نَقْشِهَا مَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهَا مِنْ وُجُوهٍ عَدِيدَةٍ جِدًّا. إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ زِنْدِيقٌ يُبْطِنُ جُحُودَ الصَّانِعِ أَوْ جُحُودَ الرُّسُلِ أَوْ الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ أَوْ الشَّرَائِعِ أَوْ الْمَعَادِ وَيُظْهِرُ التَّدَيُّنَ بِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَهَذَا يَجِبُ قَتْلُهُ بِلَا رَيْبٍ كَمَا يَجِبُ قَتْلُ مَنْ ارْتَدَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَى التَّعْطِيلِ فَإِنْ أَرَادَ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ فَهَلْ يُقَالُ إنَّهُ يُقْتَلُ أَيْضًا كَمَا يُقْتَلُ مُنَافِقُ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّهُ مَا زَالَ يُظْهِرُ الْإِقْرَارَ بِالْكُتُبِ وَالرُّسُلِ أَوْ يُقَالُ بَلْ دِينُ الْإِسْلَامِ فِيهِ مِنْ الْهُدَى وَالنُّورِ مَا يُزِيلُ شُبْهَتَهُ بِخِلَافِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ وَيُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ إظْهَارِ الْأَكْلِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ فَإِنَّ هَذَا مِنْ الْمُنْكَرِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ وَيُمْنَعُونَ مِنْ تَعْلِيَةِ الْبُنَيَّانِ عَلَى جِيرَانِهِمْ الْمُسْلِمِينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>