للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَذَا قَوِيٌّ فِيمَا إذَا قَالَ إذَا مَلَكْتُك فَأَنْتِ حُرَّةٌ وَصَحَّحْنَا الصِّفَةَ لِأَنَّهُ إذَا مَلَكَهَا فَالْمِلْكُ لَا يُوجِبُ بُطْلَانَ النِّكَاحِ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تُنَافِيه وَإِنَّمَا التَّنَافِي أَنْ تَكُونَ مَمْلُوكَتُهُ زَوْجَتَهُ فَإِذَا زَالَ الْمِلْكُ عَقِبَ ثُبُوتِهِ لَمْ يُجَامِعْ النِّكَاحَ فَلَا يُبْطِلُهُ لِأَنَّهُ حِينَ زَالَ كَانَ يَنْبَغِي زَوَالُ النِّكَاحِ، وَالْمِلْكُ فِي حَالِ زَوَالِهِ لَا ثُبُوتَ لَهُ وَهَذَا الَّذِي لَحَظَهُ الْحَسَنُ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا لِيُعْتِقَهَا فَأَعْتَقَهَا لَمْ يَكُنْ لِلْمِلْكِ قُوَّةٌ تَفْسَخُ النِّكَاحَ وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ حُدُوثَ الْمِلْكِ بِمَنْزِلَةِ اخْتِلَافِ الدِّينِ وَإِذَا لَمْ يَدُمْ تَغَيُّرُ الدِّينِ فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا فَكَذَلِكَ هُنَا إذْ النِّكَاحُ يَقَعُ سَابِقًا وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا كَانَ الْعِتْقُ حَصَلَ بَعْدَ الْمِلْكِ هَاهُنَا لَمْ يَتَقَدَّمْ الِانْفِسَاخُ عَلَى الْعِتْقِ

وَيُكْرَهُ نِكَاحُ الْحَرَائِرِ الْكِتَابِيَّاتِ مَعَ وُجُودِ الْحَرَائِرِ الْمُسْلِمَاتِ قَالَهُ الْقَاضِي وَأَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يَجْعَلَ أَهْلَ الْكِتَابِ ذَبَّاحِينَ مَعَ كَثْرَةِ ذَبَّاحِينَ مُسْلِمِينَ وَلَكِنْ لَا يَحْرُمُ وَلَوْ قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا لِيَتَزَوَّجَ امْرَأَتَهُ حُرِّمَتْ عَلَى الْقَاتِلِ مَعَ حِلِّهَا لِغَيْرِهِ وَلَوْ جَبَرَ امْرَأَتَهُ عَلَى زَوْجِهَا حَتَّى طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا وَجَبَ أَنْ يُعَاقَبَ هَذَا عُقُوبَةً بَلِيغَةً وَهَذَا النِّكَاحُ بَاطِلٌ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِمَا وَيَجِبُ التَّفْرِيقُ بَيْنَ هَذَا الظَّالِمِ الْمُعْتَدِي وَبَيْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةِ الظَّالِمَةِ وَإِذَا أَحَبَّ امْرَأَةً فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يَتَزَوَّجْهَا وَتَصَدَّقَ بِمَهْرِهَا وَطَلَبَهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تَكُونَ لَهُ زَوْجَةً فِي الْآخِرَةِ رُجِيَ لَهُ ذَلِكَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يَحْرُمُ فِي الْآخِرَةِ مَا يَحْرُمُ فِي الدُّنْيَا مِنْ التَّزْوِيجِ بِأَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَلَا يَمْنَعُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبِنْتِهَا.

[بَابُ الشُّرُوطِ وَالْعُيُوبِ فِي النِّكَاحِ]

ِ إذَا شَرَطَ الزَّوْجُ لِلزَّوْجَةِ فِي الْعَقْدِ أَوْ اتَّفَقَا قَبْلَهُ أَنْ لَا يُخْرِجَهَا مِنْ دِيَارِهَا أَوْ بَلَدِهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ لَا يَتَسَرَّى أَوْ إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَهَا تَطْلِيقُهَا صَحَّ الشَّرْطُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَلَوْ خَدَعَهَا فَسَافَرَ بِهَا ثُمَّ كَرِهَتْهُ لَمْ يُكْرِهْهَا وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا أَوْ يَتَسَرَّى وَقَدْ شَرَطَ لَهَا عَدَمَ ذَلِكَ فَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِ أَصْحَابِنَا جَوَازُهُ بِدُونِ إذْنِهَا لِكَوْنِهِمْ إنَّمَا ذَكَرُوا أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِلْمَنْعِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَمَا أَظُنُّهُمْ قَصَدُوا ذَلِكَ، وَظَاهِرُ الْأَثَرِ وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي مَنْعَهُ كَسَائِرِ الشُّرُوطِ الصَّحِيحَةِ وَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَبْلَ أَنْ تَفْسَخَ طَلَّقَ أَوْ بَاعَ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْفَسْخَ وَأَمَّا إنْ شَرَطَ إنْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ سُرِّيَّةٌ فَصَدَاقُهَا أَلْفَانِ ثُمَّ طَلَّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>